الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:27 AM
الظهر 12:23 PM
العصر 3:33 PM
المغرب 6:03 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تنفيذ احكام المحاكم ضرورة ومصلحة وطنية.. كيفية تطبيقها وفقا للمادة (106) من القانون الاساسي ؟ !!!

الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى

تنص المادة (106) من القانون الاساسي على " الاحكام القضائية واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها على اي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس والعزل من الوظيفة اذا كان المتهم موظفا عاما او مكلفا بخدمة عامة، وللمحكوم له الحق في رفع الدعوى مباشرة الى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضا كاملا له"

 مجرد الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة يمثل جريمة من قبل الموظف العام او المكلف بخدمة عامة، ولقد حددت العقوبة الدستورية شكلها، الحبس والعزل من الوظيفة. والنص الدستوري يفترض ان عدد من الافراد قد يمتنعون عن تنفيذ الاحكام وليست المؤسسة الرسمية برمتها.

يبقى السؤال كيف يمكن تنفيذ هاتان العقوبتان معا و/او كل منهما على انفراد، وما علاقة ذلك بحق المحكوم له في رفع الدعوى الى المحكمة المختصة؟ ومن هي المحكمة المختصة بموجب هذا المادة وفقا للقانون الفلسطيني؟ وكيف للسلطة الوطنية ان تضمن تعويض كاملا له (للمحكوم له) عن عدم تنفيذ احكام المحاكم ما بين صدور القرار وحتى تنفيذه؟ واي القوانين ذات العلاقة بهذا النص الدستوري ؟ لماذا يقع العديد من الزملاء في اشكاليات نقل قرارات المحاكم الى الزامية تنفيذها خاصة عندما يتعلق الامر بمسائل تبدو انها تمس الامن! او وزراء او من في حكمهم؟ وهل النائب العام هو صاحب الاختصاص الوحيد بالزام الجهات الرسمية بتنفيذ الاحكام القضائية؟ وهل للنيابة العسكرية دور في كل ذلك؟

 علينا اولا ان نعرف مصدر هذه المادة الدستورية في القانون الاساسي الفلسطيني، حتى نفهم اساس الاشكالية التنفيذية والتباس المرجعيات ما بين الجانب الجزائي المتعلق بحبس الممتنع عن تنفيذ احكام المحاكم والمطالبة بالتعويض ورفع دعوى العزل لمن يرفض تنفيذ احكام المحاكم؟

المادة مستوحاة من الدستور المصري لسنة 1971 وتعديلاته في العام 2007 حيث نصت المادة (72) منه على " تصدر الاحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها او تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة الى المحكمة المختصة"

ثم عدلت هذه المادة الدستورية في الدستور المصري لسنة 2019 حيث نصت في المادة (100) منه على "تصدر الأحكام وتنفذ بإسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذي ينظمه القانون. ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين، جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة. وعلى النيابة العامة بناءً على طلب المحكوم له، تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله"

من هنا برزت الاشكالية لضمان تنفيذ الاحكام حيث ان النص المطبق لدينا اشار الى المحكمة المختصة دون تعريفها، وطالما انه لا يوجد في فلسطين ما يعرف بالادعاء المباشر كما هو في مصر من خلال قيام المحكوم له عبر محاميه بتقديم عريضة الادعاء المباشر امام المحكمة المختصة في هذه الحالة، اصبح النص لدينا وكأن المحكمة المختصة في فلسطين غير موجودة، لذا لجأ العديد من الزملاء الى النائب العام بطلب لتنفيذ احكام المحاكم دون تقديم شكوى جزائية استنادا الى قانون العقوبات الساري المفعول.

  قانون الاجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 حدد اختصاصات النائب العام فيما يتعلق بتنفيذ الاحكام حسب ما ورد في المادة (395) منه على تنفيذ الاحكام الجزائية فقط او ما تعلق منها بالادعاء بالحق المدني من ذات المادة .

اذن لماذا يتم التوجه للنائب العام بطلب تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الادارية، مع العلم ان القرار بقانون رقم (11) لسنة 2022 بشأن دعاوي الحكومة احال تنفيذ الاحكام القضائية الى رئيس الوزراء في المادة (11) من القرار بقانون. وماذا عن امتناع الجهات الامنية عن تنفيذ الاحكام القضائية وهل يوجد نص في القانون الثوري العسكري يعالج اختصاصات النائب العام العسكري بذات الخصوص؟

طالما ان النائب العام ليس مكلف بتنفيذ احكام المحاكم الادارية وكذلك النيابة العسكرية، اذن ما هو الاجراء السليم الذي يجب ان يقوم به المحامين لمساعدة النيابة العامة والعسكرية على القيام بدورهما ؟

الامر ببساطة يعود الى ما ورد في المادة (106) من القانون الاساسي الفلسطيني من ان عدم تنفيذ احكام المحاكم جريمه يعاقب عليها بالحبس، اذا يجب تقديم شكوى جزائية رسمية الى النيابة العامة والنيابة العسكرية وفقا لما ورد في القوانين ذات الصلة.

الشكوى يجب ان تقدم استنادا الى مخالفة المادة الدستورية والتي فصل قانون العقوبات الاردني مسارها وسقف عقوبتها وهي المادة (182) من قانون العقوبات الاردني رقم (16) لسنة 1960 وتعديلاته والتي تنص على " اعاقة تنفيذ احكام القوانين او القرارات القضائية او جباية الرسوم والضرائب: .1 كل موظف يستعمل سلطة وظيفته مباشرة او بطريق غير مباشر ليعيق او يؤخر تنفيذ احكام القوانين او الانظمة المعمول بها او جباية الرسوم والضرائب المقررة قانونا او تنفيذ قرار قضائي او اي امر صادر عن سلطة ذات صلاحية يعاقب بالحبس من شهر الى سنتين.

اما القانون الثوري نص في المادة (247) منه على " كل من اوقف او حبس شخصا في غير الحالات التي ينص عليها القانون يعاقب بالحبس ستة اشهر على الاقل"

كما ان المادة (248) من ذات القانون ذهبت الى ابعد من ذلك حيث نصت على " إذا قبل مسؤول مركز الإصلاح أو وكيله أو أي من الحراس شخصاً في المركز بدون مذكرة توقيف أو حكم قضائي أو استبقاه إلى أبعد من الأجل المحدد يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر على الأقل.

هنا يتبين لنا ما المقصود بالحبس وفقا لما ورد في المادة (106) من القانون الاساسي، وما هو دور النيابة العامة والنيابة العسكرية بذلك، اي ان المطلوب تقديم شكوى جزائية رسمية كأي شكوى جزائية تقدم امام النيابة العامة والعسكرية بهذا الخصوص.

اذن كيف لنا ان نحرك دعوى لعزل من يمتنع عن تنفيذ قرارات المحاكم، لقد بينت المادة (106) مسار العزل من خلال التقدم بدعوى الى المحكمة المختصة، وهنا تكون المحكمة الادارية هي المختصة بالنظر بهذه الدعوى، وفقا للاختصاصات الواردة في قانون المحكمة الادارية رقم (41) لسنة 2020 وتعديلاته، بالتدقيق في الاختصاصات الوادرة في المادة (20) من القانون نجد المادة (1/و) منها والتي تنص على " رفض الجهة الادارية او امتناعها عن اتخاذ اي قرار كان يجب اتخاذه وفقا لاحكام القوانين او الانظمة المعمول بها" وكذلك المادة (20/1/ط) والتي تنص " الطعون التي تعتبر من اختصاص المحكمة الادارية بموجب اي قانون اخر"

قد يجادل البعض ان هاتين الفقرتين غير متعلقات بشكل مباشر في مفهوم المحكمة المختصة الواردة في المادة (106) وهنا تدخل المادة (20) فقرة (2) من قانون المحكمة الادارية لتسعفنا معززة ما نقول بخصوص ما ورد في مفهوم التعويض، وطالما ان السلطة الوطنية هي من تضمن التعويض كاملا وفقا لما ورد في المادة (106) وجاءت عبارة تضمن السلطة الوطنية تعويضا عادلا وكأنها متصلة بالفقرة السابقة ومرتبطة بها ارتباطا بالنص والنتيجة، اذن الحديث عن السلطات الثلاث في السلطة الوطنية وطالما ان السلطة القضائية هي الجهة التي تقرر التعويض يصبح الاختصاص هنا من صلاحية المحكمة الادارية. قد يقول اخرين ان هذا يقع صحيحا فيما يتعلق بالتعويض فما علاقة التعويض بالمحكمة المختصة؟

طالما ان المحكمة الادارية هي المحكمة المختصة بالنظر بالطعونات محل ما ورد في المادة (20) من القرار بقانون يصبح معه كل ما يتعلق بهذا الاختصاص يرتبط بمفهوم المحكمة المختصة فيما يتعلق بعزل الموظف حيث نعتقد ان المحامين يمكن لهم تقديم دعوى عزل للموظف او المسؤول الذي امتنع عن تنفيذ احكام المحكمة، وتعزز المادة (46) من القرار بقانون بخصوص المحاكم الادارية ما ذهبنا اليه خاصة الفقرة (2) من المادة المذكورة. مع ادراكنا ان قانون المحكمة الادارية لم ينص صراحة على ذلك، وهذا من باب الاجتهاد.

نخلص الى جملة من النتائج التي تتعلق بسبل تنفيذ المادة (106) من القانون الاساسي وهي:

1. المادة (106) من القانون الاساسي يمكن تنفيذها من خلال مسارين اساسيين الاول يتعلق بشكوى جزائية تقدم الى النائب العام والنائب العام العسكري ندعوهما فيه لتنفيذ احكام المحاكم وفقا لما ورد في قانون العقوبات الساري المفعول وقانون العقوبات الثوري، والمسار الثاني يتعلق بالمحكمة المختصة وفي هذا السياق نجد ان المحكمة الادارية هي المختصة بالنظر بطلب عزل الموظف العام والتعويض عن عدم تنفيذ احكام المحكمة الادارية من تاريخ صدوره وفقا لما ورد في المادة (46) من قانون المحكمة الادارية.

2. للضغط على الجهات الممتنعه عن تنفيذ الاحكام القضائية نوصي تقديم دعوى مدنية بالتعويض عن الضرر الناتج عن عدم تنفيذ القرارات القضائية بسبب الاعتداء على الحريات كما ورد في المادة (32) من القانون الاساسي وهي جريمة لا تسقط بالتقادم ويمكن تحريكها مدنيا كما ورد في المادة الدستورية، وهذه خطوة كفلها القانون ويحق ان يقدمها كل متضرر، وللاسف لم يلجا اليها اي ممن صدر لهم قرارات قضائية، حيث تمثل هذه الخطوة اداة فعالة خاصة وان المحاكم المختلفة لن يكون امامها خيار الا بالحكم بالضرر لانه سيتعلق بضرر محقق، وعندها ستقوم الجهات المختلفة بتنفيذ هذه القرارات او ان خزينة الدولة ستتكبد مبالغ مالية طائلة نظرا لعدم تنفيذ احكام المحاكم.

3. المطلوب من المحكوم له من خلال محاميه عندما يتقدم بدعوى العزل من الوظيفة ان يرفق الشكوى الجزائية المقدمة الى النيابة العامة والنيابة العسكرية لغايات مباشرة القضية امام المحكمة الادارية، كما من المهم ان يقوم وكيل المحكوم له بتضمين الكتاب الموجه لرئيس الوزراء مع صورة مصدقة عن الحكم وفقا للمادة (11) من قانون دعاوي الحكومة لغايات تنفيذ القرارات القضائية وفي حال كانت المؤسسة تابعة للرئاسة او لمنظمة التحرير الفلسطينية ان ترسل نسخه مصدقة الى الرئيس. كما يمكن ارفاق نسخة عن دعوى التعويض المدني عن الضرر الناتج عن عدم تنفيذ احكام المحاكم وفقا لما تم اقتراحه انفا.

4. من المهم ان تقوم الحكومة بطلب رأي تفسيري من المحكمة الدستورية بناء على ما تقدم لتعرف من هي المحكمة المختصة وفقا لما ورد في المادة (106) من القانون الاساسي الفلسطيني.

5. من الافضل اصدار لائحة تنفيذية خاصة بكيفية تحريك دعوى العزل والتعويض امام المحكمة الادارية و/او اجراء تعديل قانوني شامل بهذا الخصوص ان لزم.

هذه مقترحات قابلة للتطوير والتنفيذ وقد تكون مخرجا للازمة التي نعيش بعدم تنفيذ احكام المحاكم لدينا، والغاية منها حماية منظومة العدالة وليس التحريض او الانتقاص من الجهات الرسمية او شبه الرسمية اي كانت.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...