ترمب... النجاحات الناقصة
الكاتب: رأي مسار
كان بديهياً أن يسجّل العالم للرئيس ترمب نجاحين في الشرق الأوسط، أحدهما في لبنان وثانيهما حين أنجز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
الوقائع في لبنان وغزة تؤكد أن النجاحين لم يكتملا، وفق ما كان مؤمّلاً منهما، فما زالت إسرائيل تمارس عدوانها بصورةٍ انتقائيةٍ على لبنان، وما زالت تستنسخ السيناريو اللبناني على غزة، بينما الرئيس ترمب يمنح الإسرائيليين دعماً مباشراً ليس بالتبرير فقط، وإنما بالتبني، وكأن كل ما فعل هو خفضٌ لمستوى الحرب مع أولوية السماح لإسرائيل بحرية العمل، وكأنها الطرف المنوط به لعب دور الخصم والحكم في وقتٍ واحد.
وهنالك أمرٌ آخر وهو إغفال خطورة الجبهة الثالثة المشتعلة في الضفة الغربية، وإن لم يكن القتل والتدمير بمستوى ما يحدث على الجبهتين الغزية واللبنانية، إلا أن ما يفعله الجيش والمستوطنون ومن يسمون بفتيان التلال، لا يقل خطورةً وأذى على أهل الضفة وحياتهم وممتلكاتهم وحركتهم، ما حدا بأهم كتّاب الأعمدة في إسرائيل التنبيه إلى خطورة ما يحدث، إذ كتب عوديد شالوم في يديعوت أحرونوت مقالاً وافياً عنوانه "عنف فتيان التلال يخرج عن السيطرة "غير أن ما كان أكثر وضوحاً ودقة في هذا الأمر ما كتبه ناحوم برنياع في ذات الصحيفة وهذا مقتطف مختصر من مقالته بعنوان: فتيان التلال.. القوة الرائدة في تطبيق خطة الحكومة الإسرائيلية"
" في كانون الثاني 2023، بدأ فصلٌ جديدٌ من الحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية، سُلّمت السيطرة على حياة وممتلكات ومستقبل اليهود والعرب إلى رجلين، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، قد يكون سموتريتش مسيحانياً وغامضاً ومتغطرساً وجاهلاً، لكن شيئاً واحداً يميزه عن جميع الوزراء الآخرين... لديه خطة، أعلنها في العام 2017، ولم يتراجع عنها حتى يومنا هذا، إذ وضع أمام الفلسطينيين ثلاث خيارات.. الحرمان من الحقوق، أو الطرد، أو الإقصاء، والمعنى العملي لهذ المخطط والقول ما يزال لبرنياع.. هو الاستيلاء على أراض الضفة والاستيطان فيها بطريقةٍ تمنع الفلسطينيين من التواصل الإقليمي والتنمية الاقتصادية، بالقمع والعنف الذي تدعمه الحكومة بما يشجّعهم على الهجرة، ويمضي برنياع قائلاً إن فتيان التلال ليسوا أبناء البلد الأشقياء ولا عصابةً إجرامية بل هم القوة الرائدة في تطبيق رؤية الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، إنهم المستقبل".
نقرّ بأن ترمب خفّض مستوى الموت والدمار على الجبهتين اللبنانية والغزية ولكن ما ينبغي التنبه له وأن يوضع بين يدي اجتماع تركيا الإسلامي هو الوضع في الضفة. فلا الحرب توقفت على غزة ولبنان ولا المخططات الجهنمية للضفة تباطأت أو هدأت، وهذا ما يجعلنا لا نظلم ترمب حين نصف نجاحاته على الجبهتين بالناقصة، ولا يُستبعد أن يكون قد وضع الجمر تحت الرماد ليس إلا.

