شعب مخدر وقيادة كذلك
الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى
لا رواتب ولا عمل ولا عمال قادرين ان يسددوا التزاماتهم ولا تعليم منتظم ولا ادوية في المستودعات ولا اباء قادرين على الوفاء لاقساط ابنائهم في الجامعات ولا حتى طوابع البريد متوفرة، جوع في غزة وحرمان من ابسط سبل الحياة ونتنقل من ازمة الشيكل الى ازمة المقاصة ومن الحصار المالي الى ازمات التقاعد والمتقاعدين، سيل العرمرم من القوانين والانظمة والتعليمات تفرقنا وتزيد الحيرة بيننا، كل جهة تعد قانون وتسييله بعد ان تفصله على المقاس ودخل علينا مفهوم الاعلانات الدستورية وقد يخبئ لنا البعض فقه جديد في الحكم والسياسة واتخاذ القرار، هجرة صامته واخرى مفضوحه، تسريبات حول اموال عدد من المتهمين في الفساد تدفع الموظفين الى العض على النواجد والحزن على ما الت اليه احوالهم ، حكومة تختبئ خلف محللين اقتصاديين اصبحوا ينظرون للقوانين ويتنبأون بالمقاصة وبنسبة الرواتب واخرين ينظرون الى السندات الحكومية والدين العام.
. كأننا نعيش مخدرين لا ندرك ولا نحس لا رئاسة يسمع لها صوت الا باصدار قانون هنا او مرسوم هناك، او ادانة هنا او ادانة هناك ولا حكومة يمكن ان تخرج لتقول للناس الحقيقة ولا لجنة مركزية لفتح ولا مكان او صوت للجنة التنفيذية، لا نقابات عمالية ولا مهنية تتحرك او تبادر ولا جمعيات تطلق حملات واضحة الا من رحم ربي، مزقنا كل ممزق وما زال البعض يجادل بفن البقاء وتخوين الاخر وتعهير الاخرين، ثلة مترزقة على وجع الناس ولا تشبع.
يتساءل العديد منا لماذا اصابنا ما اصابنا ولماذا نحن مخدرين؟ واين القيادة والقيادات ؟ اين النخب ؟ اين الشخصيات الوطنية؟ وصوت المؤسسات؟ اين النقابات ؟ اسئلة تحاورنا كل يوم ونقهر الف مرة ومرة، عجز مر والكل يحمل الاخر، الشعب يطالب الحكومة والحكومة تطالب العرب والمؤسسات الدولية، والنقابات تعقد الورشات والقيادات تكتب عن انجازتها الكبيرة في التوقيع على مذكرات تفاهم، واتفاقيات وسفر لا يتوقف لعدد من المسؤولين ليرفعوا من مقام القضية !!! .
تم طحننا وانتاج نخالة شعب منزوع منه القدرة على الحركة والتأثير، نسلم امرنا لغير الله ونعتقد ان كل ما يجرى بامر الله.
جشع واستغلال، وطمع واذلال، وقلة حيلة وهوان، الاستيطان والمستوطنين والجيش والاعتقال ونشغل انفسنا بانفسنا ونستهلك في تدمير الذات وما زلنا نعاود تكرار المشهد ولا احد يجرأ ان يقول ما الذي يمكن ان نفعله، لا بل كيف لنا ان نعبر عن الرفض بخطوات، بل من سيقود المشهد ومن سيبادر؟!!.
ما العمل؟ سؤال قد تجاوزته الاحداث، فالاجابة اصبحت ممجوجه على لسان البعض، وكي تصبح غير ملجومة باسباب الحرص على ما تبقى من وطن. فعلى الموظفين ان يبادروا كما فعل العساكر المتقاعدين. فهل ستبقون مخدرين كما هي القيادة؟ ام انكم ستقرعون جدار الخوف دون زوال للنظام بل دعما وحماية للمشروع الوطني او ما تبقى منه.
ان كانت الرئاسة والحكومة وكل مسؤول بهذه البلد يريد ان يشارك الموظفين هموم العجز وقلة الحيلة فان هناك عدد من الخطوات يمكن ان ترسل رسائل طيبة للناس وهي:
ان يتم وقف اصدار اية قوانين مهما كانت وعدم اشغال الناس بتحديات جديدة والتركيز على ايجاد حلول لمشاكل الرواتب والاقساط والديون والالتزامات الناشئة عن تأخير الرواتب. وازمة الشيكل ووقف التعامل مع البنوك الفلسطينية وعدم القدرة لاحقا على توريد البترول والغاز وسلاسل التوريد الرئيسية الاخرى لانه ان حدث سترتفع الاسعار بشكل كبير وعندها سنصبح امام ازمات جديدة.
ان يتم وقف سفر اي مسؤول مهما كان ومن كان لمدة شهرين على الاقل والبقاء للبحث عن بدائل لمشاركة فلسطين، ففي زمن الكورونا منع السفر والتنقل لغايات صحية اليس من الاصح منع السفر لاسباب الضيق وقلة الموارد، فاليوم يمكن اتمام الكثير من خلال الاتصال المرئي.
ضرورة التفكير ببيع عدد من الاصول الوطنية لا الاعتماد على سندات حكومية قد تحمل الاجيال اعباء لا يمكن التعامل معها، او على الاقل بيع السيارات ووقف اي عقود ايجار ووقف العطاءات مهما كانت وتحويلها لسد جزء من الرواتب .
على الحكومة توفير المواصلات للموظفين من خلال السيارات الحكومية فلا يعقل ان تطلب من المدراء في الوزرات الدوام طوال ايام الاسبوع بدون ان توفر لهم وسائل تنقل من والى الوزارات.
ضرورة الاستعانة باموال صندوق الاستثمار والتي هي للشعب الفلسطيني فلا يعقل ان يتقاضى المدراء في صندوق الاستثمار الالاف الدولارات كرواتب شهرية اما الموظفين الذي انشا الصندوق من اجلهم لا يجدون قوت ابنائهم.
كما ولا يعقل ان تكون هناك مؤسسات تابعة للسلطة يتقاضى العاملين فيها رواتب كاملة والموظفين لا يتلقون الحد الادنى من الرواتب.
ضرورة ان يقوم المسؤولين بنشر ما لهم من اموال واملاك منقولة وغير منقولة حتى يعلم الناس كيف جمعت هذه الاموال وما هي مصادرها، لاننا نشاهد ابناء عدد من المسؤولين يملكون سيارات فارهة عدد منهم يستعمل سيارات رسمية، وهذه مسؤولية ديوان الرقابة المالية والادارية وهيئة مكافحة الفساد ومؤسسات المجتمع المدني ذات الاختصاص.
فان لم نفعل القليل سيكون الهلاك من نصيبنا جميعا ونبقى مخدرين كما هي قيادة الشعب، فهل من مجيب بالطبع لا، ولن يكون الا بارادة الله. حسبنا الله ونعم الوكيل.

