إسرائيل والحرب اليائسة على المخيم والأونروا
الكاتب: رأي مسار
داهمت قواتٌ اسرائيليةُ مقر الأونروا في القدس، واحتلته ورفعت العلم الإسرائيلي عليه. وحيث ما استطاعت إسرائيل السيطرة، فالأونروا هدفٌ للإلغاء، والمخيم مكانٌ للقصف والتدمير والإخلاء.
الحرب الإسرائيلية على الأونروا والمخيم والتحريض الدائم ضد وجودهما، هو أحد جوانب الجهد الإسرائيلي المنهجي لتصفية القضية الفلسطينية، بتصفية أحد أهم عناوينها ومضامينها، وهي قضية اللاجئين والأونروا
لا مغالاة حين نصف هذه الحرب بالساذجة ومستحيلة النجاح، ذلك أن ظاهرة اللجوء وخصوصاً الفلسطينية بالذات لا ترتبط بالمكان ولا بالأونروا التي أجمع العالم على تكليفها برعاية وإغاثة وتشغيل اللاجئين، ومع أنها لم تؤدي دورها كاملاً في هذا المجال، بحكم تعثر تمويلها المفترض أن يكون كافياً ومنتظماً إلا أن وجودها ودعم العالم، يثير مخاوف حقيقيةً ودائمةً لدى إسرائيل، التي تدرك أنها السبب الرئيسي في ظاهرة اللجوء، وأن إنهاء هذه الظاهرة، لا يكون إلا بحلٍ عادلٍ يرضى عنه الفلسطينيون وفي مقدمتهم اللاجئون، وهذا ما يرفضه الإسرائيليون ويحاربون ولو أبد الدهر دون أن يتحقق.
الأونروا أداة، والمخيم مكانٌ وعنوان، واللاجئ ليس مجرد إنسانٍ يسعى للحصول على مأوىً ولقمة عيش، ولا حتى إلى تشغيلٍ ووظائف، لأن اللاجئ يحمل في داخله وأينما وجد حلماً لا ينهيه قصف أو تدمير مخيم، ولا تلغيه مخصصات الأونروا زادت أو نقصت، فكم من مخيمٍ دُمّر عدة مرات، وأُخلي من ساكنيه إلا أنه عاد وبلمح البصر ليكون معلماً يذكّر العالم باستمرار جريمة العصر، وعجز إسرائيل عن محوها من الواقع والتاريخ.
الذي يجب أن يحيّر إسرائيل في أمر المخيم، أنه لم يتحول مع طول الزمن إلى مكانٍ لليأس والنسيان، بل ظل مكاناً ينتج أجيالاً ممن يحملون الوطن الأم في روحهم، ولا يغادرهم الحلم حتى لو أصبح اللاجئ رئيس دولة في أي مكانٍ من العالم.
إسرائيل ومنذ ما يقارب القرن لم تتوقف حروبها على المخيم أينما وجد، ولم يتوقف تحريضها على الأونروا، فماذا كانت النتيجة؟
إنها بقاء المخيم شاهداً على جريمة العصر، وبقاء قضيته العميقة همّ وهاجس العالم بأسره، الذي اقتنع ولو بعد حين بأن المخيم لم ولن يكون يوماً بديلاً عن الوطن.

