مبادرة ترمب تتآكل... وغزة تغرق
الكاتب: رأي المسار
يتصرف الرئيس ترمب تجاه مبادرته بشأن غزة، بطريقةٍ فيها درجةٌ عاليةٌ من الارتجال الذي يعيق فعلاً الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، والتي لم تدخل حيّز التنفيذ بفعل أن مواضيعها جميعاً قيد البحث.
الرئيس ترمب الذي يبالغ في اعتبار أن الأمور تجري بشأن المرحلة الثانية على ما يرام، يبدو أمام الوقائع أنه يجافي الحقيقة تماماً.
لقد مرّ وقتٌ طويلٌ على بدء تنفيذ المرحلة الأولى، وكان مفترضاً أن يستغلّ كل يومٍ فيه لوضع ترتيباتٍ محكمةٍ لتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية، غير أن ذلك لم يحدث بل إن الذي حدث بالضبط هو إرخاء الحبل لنتنياهو كي يعمل وبلا قيودٍ في غزة، ومنحه الوقت الذي يحتاجه لتعزيز وضعه في اللعبة الداخلية والإقليمية، بما يتيح له تمرير أو منع أي صيغةٍ تنفيذيةٍ للمرحلة الثانية.
عامل الوقت مع دخول فصل الشتاء شديد القسوة في هذا الموسم، وضع أهل غزة في ظروفٍ أقسى وأشد إيلاماً من الحرب، خيامهم تتمزق وأطفالهم يموتون من البرد ومن الجوع، والبنايات المتصدعة تتهاوى على رؤوس الذين لاذوا بها، ذلك مع فشلٍ ذريعٍ لاجتماع الدوحة الذي بالغت الدعاية الأمريكية في تقدير مخرجاته الإيجابية، فإذا به يحقق نتيجة صفر.
الرئيس ترمب الذي تباهى بوقفه حروباً ثمانية، لا يعلم بها أحد، ويتباهى كذلك بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ويُعلن أن دول العالم تتهافت على المشاركة في القوة متعددة الجنسيات، بينما الحقيقة تقول، حتى الآن لا دولةً وافقت على المشاركة، والدولة الوحيدة تركيا التي أبدت استعداداً لفعل ذلك، معترضٌ عليها من قِبل إسرائيل، حتى أنها لم تشارك في لقاء الدوحة.
أين سيصل ترمب في سياسته المرتجلة تجاه ملف غزة والشرق الأوسط؟ لعله هو غير متأكدٍ من نجاحٍ حقيقيٍ ولكن حسب طريقته يمكن تغطية الفشل بادعاء نجاح.
إن الذي يجري على أرض الواقع هو استمرارٌ لأفدح جريمةٍ شهدها القرن، ضحيتها أهل غزة، ناهيك عن إطلاق يد نتنياهو ومستوطنيه في الضفة، ما يجعل من حكاية تباهيه بصنع السلام في الشرق الأوسط مجرد تصديرٍ لخيالاتٍ ليس إلا.

