الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:08 AM
الظهر 11:38 AM
العصر 2:22 PM
المغرب 4:46 PM
العشاء 6:07 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

عندما يعود الشهداء هذا الأسبوع…، ويطرقون باب القلب

الكاتب: معمر عرابي

في رواية الشهداء يعودون هذا الأسبوع للكاتب الجزائري الطاهر وطار، لا يعود الشهداء محمولين على الأكتاف، بل على الأسئلة. يعودون خفافًا، كأنهم نسمة ضمير، ليتفقدوا ما بقي من الوعد. لا يسألون عن الأناشيد، بل عن الخبز. لا يفتشون عن المنابر، بل عن الأبناء.

في فلسطين، لا يحتاج الشهداء إلى موعد للعودة.

هم هنا دائمًا في شقوق الجدران، في رائحة القهوة عند الفجر، في عيون الأمهات اللواتي تعلّمن أن يبتسمن كي لا ينكسر البيت. هذا الأسبوع يعودون، رمزيًا، ليجدوا الحقيقة عارية: أبناؤهم بلا سند، وعائلاتهم بلا أمان.

كيف يُكافَأ الدم بقطع الرواتب؟

كيف يُجازَى الصبر بنقصان الخبز؟

كيف يُطلَب من أمٍّ أن تبقى واقفة، فيما تُسحب من تحتها الأرض؟

قطع رواتب عائلات الشهداء والأسرى ليس قرارًا ماليًا.

إنه قصيدة مقلوبة، تُكتب بالأرقام بدل القلوب.

إنه قولٌ فظّ بلا كلمات: متْ، لكن لا تُرهقنا بعد موتك.قطع رواتب عائلات الشهداء والأسرى ليس تفصيلًا ماليًا. إنه إعادة تعريف باردة لمعنى الالتزام الوطني، حين يُختزل الوفاء في الخطاب ويُلغى في الفعل. هنا لا يُسحَب المال فقط، بل يُسحَب الاعتراف: أن الأسير لم يكن خطأ، وأن الشهيد لم يكن عبئًا

 

ماذا نقول لأمٍّ فلسطينية حين يصلها الإشعار؟

هل نقول إن ابنها كان أجمل من أن يتحمّله هذا الزمن؟

أم نقول إن الوطن، المحاصر أصلًا، اختار أن يحاصر قلبها؟

 

وماذا نقول لزوجة أسير،

تعدّ الأيام كما تُعدّ النجوم،

ثم تُفاجَأ بأن الانتظار لم يعد شرفًا، بل عبئًا؟

في فلسطين، الراتب ليس ترفًا؛

هو خيط الضوء الذي يمنع الليل من ابتلاع البيت.

كما في رواية وطار، الشهداء حين يعودون لا يصرخون.

يقفون صامتين،

يرون كيف صار اسمهم لافتة،

وكيف تحوّلت تضحيتهم إلى فقرة تُؤجَّل،

وكيف صار “الواقع” اسمًا آخر للتخلّي.

لو عاد الشهداء هذا الأسبوع حقًا،

لن يطلبوا شوارع تحمل أسماءهم،

ولا تماثيل تلمع في الساحات.

سيطلبون شيئًا صغيرًا، كبيرًا، ثوريًا حتى العظم:

لا تتركوا أبناءنا وحدهم.

سيطلبون أن تبقى الثورة حيّة في تفاصيل الحياة،

أن يكون للدم معنى يتجسّد في الأمان،

وللصبر كرامة لا تُمسّ،

وللوطن قلبٌ لا يُدار بالموازنات.

وحتى نفهم أن الرومانسية الحقيقية

هي أن نحمي ما تبقّى من الحلم،

سيبقى قطع رواتب عائلات الشهداء والأسرى

ليس إجراءً إداريًا،

بل طعنة باردة في صدر القصيدة الفلسطينية،

وخيانة صامتة لوعدٍ كُتب بالدم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...