الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:10 AM
الظهر 11:40 AM
العصر 2:24 PM
المغرب 4:48 PM
العشاء 6:09 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المبدعون.... لا يموتون

الكاتب: رأي مسار

ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، شُيّع جثمان الشهيد محمد بكري، ووري الثرى الذي عشقه، والذي نذر حياته وفنه لنشر روايته المقدسة في كل أرجاء الكون.

محمد بكري صوّر بكاميرته الذكية، روح فلسطين قبل معالمها، وسجّل بها فصول كفاحها من بدايته.

كاميرا بكري لم تكن مجرد آلةٍ تلتقط الصور وتسجل الوقائع، بل كانت بفعل موهبته المميزة تصوّر داخل الانسان الفلسطيني قلبه ونبضه.

كنت وأنت تشاهد أفلامه الروائية أو التسجيلية، ترى فلسطين بكل مكوناتها تتجسد أمامك نابضةً بالحياة، الأطفال يلعبون حول البيوت المدمرة، ويعبثون ببقايا القنابل والمتفجرات، والأمهات يروين برباطة جأشٍ حكايات صمودٍ وتضحياتٍ أقرب إلى الأساطير، وصوّر الجرحى الذين نجوا من الموت وفقدوا أعضاء من أجسادهم، ليواصلوا الحياة بعزيمةٍ وكأن شيئاً لم يكن.

كاميرا بكري صوّرت فلسطين في عمق أعماقها، وقالت للعالم بالصوت والصورة والإبهار الفني، هذه الفلسطين، وهؤلاء ناسها، ليس أمامهم من مصيرٍ مستحق سوى التحرر والخلاص.

محمد بكري ومن تحت التراب الذي عشقه وانتمى إلى طهارته احتفى به العلم الممنوع من الارتفاع في زمن الاحتلال وبنادقه، وذهب محمولاً على أعناق محبيه من الأبناء والآباء والأجداد والأمهات.

محمد بكري لم يمت، فارق الحياة نعم توقف قلبه عن النبض نعم، وغابت عيونه الصقرية عن كاميراته الفذة نعم، ولكنه ظل حياً من خلال الإرث الذي خلّفه وراءه بما لا يُمحى أبداً ولا يُنسى.

لم يمت محمد بكري لأن جنين تواصل الحياة، والبعنة تواصل فلسطينيتها، دون أن يغادر ذاكرتها طيفه لقد سلّم الكاميرا لابنه وذهب إلى استراحة.

هل مات محمود درويش الذي ما زالت الأجيال تتداول صرخته الأولى سجّل أنا عربي؟ وهل مات سميح القاسم وإميل حبيبي وراشد حسين وتوفيق زيّاد وإبراهيم طوقان وشقيقته فدوى وعبد الرحيم محمود وادوارد سعيد؟ كلهم وكثيرون مثلهم توقفت قلوبهم عن الخفقان، وتوقفت أقلامهم عن الكتابة، وتوقفت حناجرهم عن الشدو بأشعارهم، ولكنهم ما زالوا بيننا بما تركوه لنا من إرثٍ عبقريٍ لا يُنسى.

محمد بكري واحدٌ منهم، وفي حياتنا جيشٌ طليعيٌ هو الأشجع والأجمل، جيش الكتّاب والصحافيين الذين استشهدوا بالمئات في غزة، كما استشهد قبلهم مئاتٌ مثلهم في كل حروب فلسطين.

ربما يكون محمد بكري آخر من ووري الثرى ولكنه لن يكون الأخير في سلسلة العطاء الفلسطيني التي لن تُكسر ولن تنقطع.

ألم يقل محمود درويش في وصف حالتنا...

هذا هو العرس الذي لا ينتهي

في ساحةٍ لا تنتهي

في ليلةٍ لا تنتهي

هذا هو العرس الفلسطينيّ

لا يصل الحبيب إلى الحبيب

إلاّ شهيداً أو شريد

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...