نظرية المؤامرة (الشيطان أمير هذا العالم)

يُعتبر كتاب الشيطان أمير هذا العالم (Satan, Prince of This World) للكاتب الكندي ويليام غاي كار من أبرز الأعمال التي أثارت جدلاً واسعًا منذ منتصف القرن العشرين. فالكتاب لا يقدّم سردًا تاريخيًا تقليديًا، بل يحاول أن يقرأ التاريخ من زاوية «المؤامرة الكبرى»، حيث يرى المؤلف أن قوى خفية تقف وراء الأحداث السياسية الكبرى، وأن الشيطان نفسه هو «الأمير» الذي يدير اللعبة من وراء ستار.
ويليام غاي كار (1895–1959) كان ضابطًا في البحرية الكندية، غير أن شهرته لم تأت من عمله العسكري بل من مؤلفاته ذات الطابع المؤامراتي، وأشهرها أحجار على رقعة الشطرنج والشيطان أمير هذا العالم. في كتبه، يحاول كار الربط بين الحروب، الثورات، والأزمات الاقتصادية باعتبارها حلقات في سلسلة واحدة تهدف إلى إنشاء نظام عالمي جديد.
يرى كار أن التاريخ الحديث لا يمكن تفسيره من خلال الصراعات الوطنية أو الاقتصادية وحدها، بل عبر وجود شبكة عالمية سرية تعمل بتخطيط طويل الأمد. هذه الشبكة ـ كما يصفها ـ ليست سوى أداة بيد الشيطان الذي يسعى لإقامة سيطرة كاملة على العالم. ومن هنا جاء عنوان الكتاب: فالشيطان هو «الأمير» الحقيقي للعالم في العصر الحديث.
أدوات السيطرة كما يطرحها الكتاب تتكون من المنظمات السرية وعلى رأسها الماسونية، التي يصفها بأنها أداة لاختراق المؤسسات الدينية والسياسية، الأداة الثانية عبارة عن النظام المالي العالمي: حيث يعتبر أن البنوك المركزية الكبرى والاحتكارات المالية وسائل للهيمنة على الحكومات وإخضاع الشعوب اما الأداة الثالثة فهي الثورات والحروب إذ يرى أن الثورة الفرنسية، الثورة الروسية، والحربين العالميتين لم تكن حوادث عرضية، بل محطات مدبّرة لتفكيك الأنظمة القائمة وإعادة تشكيل العالم، اما الأداة الرابعة فهي الإعلام والثقافة، اذ يشير إلى دورهما في ترويض العقول، وإبعاد الأجيال عن القيم الدينية والأخلاقية تمهيدًا لقبول النظام الجديد،احدى اهم ادوات تجسيد المخطط وهي ليست بعيدة عن راس المال هي الحركة الصهيونية العالمية وذراعها العسكري الكيان الاسرائيلي.
اما قراءة غار للتاريخ فهو يرى ان الثورة الفرنسية ليست انتفاضة شعبية بل مشروع ماسوني لإسقاط الكنيسة والملكية وان الثورة البلشفية عبارة عن وسيلة لغرس الإلحاد والمادية في المجتمع الروسي، اما الحربين العالميتين لا تعدوان كونهما مجرد أدوات لإعادة توزيع القوى الدولية وتهيئة الظروف لقيام حكومة عالمية، اما قيام إسرائيل فهو جزء من المخطط الذي يمنح الشرق الأوسط دورًا محوريًا في الصراع القادم.
يميل كار إلى رؤية المعركة في جوهرها على أنها صراع روحي بين الخير والشر. فالشيطان عنده ليس مجرد استعارة، بل قوة حقيقية تتحرك عبر أدوات بشرية. والحل ـ في رأيه ـ لا يكمن في السياسة وحدها، بل في العودة إلى الإيمان بالله والتمسّك بالأخلاق كحصن أمام هذا المشروع.
بناء على كل ما سلف يرى الكاتب ان العالم يسير نحو فوضى مصطنعة، ستقود إلى نظام عالمي جديد تحت سلطة قوى خفية، وان الشيطان هو المحرّك الأول لهذه الأحداث، مستخدمًا طموحات البشر وجشعهم، ويرى ان مواجهة هذا الواقع تتطلب وعيًا روحيًا وأخلاقيًا إلى جانب الجهود السياسية.
نال الكتاب شهرة واسعة بين القراء الذين يبحثون عن تفسير شامل لأحداث العالم. وقد وجد له صدى خاصًا في العالم العربي، إذ رأى فيه البعض تفسيرًا متماسكًا لقيام إسرائيل وهيمنة الغرب، غير أن النقاد الأكاديميين يرون فيه نموذجًا صارخًا لأدب المؤامرة، قائمًا على انتقائية المصادر وربط أحداث متباعدة دون سند علمي متين.
وهنالا يسعنا الا ان نؤكد على ان كتاب الشيطان أمير هذا العالم يعتبر نصًا إشكاليًا: يثير الحماس عند أنصاره، والانتقاد عند خصومه، فهو يجمع بين التاريخ والفكر الديني ونظرية المؤامرة في رؤية واحدة، لكن أهميته تكمن في كونه يعكس حالة القلق من عالم يتغير بسرعة، وفي كونه يعبر عن حاجة الإنسان إلى تفسير يتجاوز الظاهر ليكشف ما وراء الكواليس.
في الختام،لا بد من اخذ ما ورد في هذا الكتاب على محمل الجد لان كتابه احجار على رقعة الشطرنج الذي لا يتعارض مع هذه النظرية يجري تطبيقه على الارض،مشاريع المؤامرة تستهدف منطقة الشرق الاوسط لسببين ،اولهما وحدة الدين وبالتالي يجب تخريبه وثانيهما مقدرات المنطقة،ومن اجل افشال هذا المشروع لا بد من وحدة الموقف العربي وضمان عدم ضياع فلسطين.