ما الذي تريده الولايات المتحدة والصين من لقاء ترمب وشي؟

2025-10-25 17:38:26

تلوح ثلاثة أسئلة في الأفق حول العلاقات الأميركية-الصينية بعد التصعيد الأخير في التوترات التجارية. هل سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ هذا الشهر كما كان متوقعاً سابقاً؟ إن حصل ذلك، فما الذي سيناقشانه؟ وهل هناك أية فرصة للتوصل إلى اتفاق يخفض الرسوم الجمركية ومعها التوترات؟

تقول واشنطن إن اللقاء بين الزعيمين مرجح. وإن حدث، يُرجح أن يناقشا مجموعة قضايا، بدءاً من ضوابط التصدير الأميركية على أشباه الموصلات عالية الجودة ووصولاً إلى المشتريات الصينية من فول الصويا الأميركي وطائرات "بوينغ".

إن مجال التوصل إلى اتفاق ضئيل، والحالة الأساسية التي نتوقعها أن يمدد الجانبان هدنة الرسوم الجمركية، ربما لأكثر من 90 يوماً دون أن يتفقا على أي شيء آخر. وفي سيناريو أقل احتمالاً، قد يطرح الزعيمان إطار عمل لاتفاق ويتركا التفاصيل للعمل عليها لاحقاً.

مساعي الصين والولايات المتحدة 

يرجح أن تسعى بكين إلى رفع القيود الأميركية المفروضة على ذاكرة النطاق الترددي العالي، وهي ضرورية لإنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي. ما تزال قدرات الصين محدودة، ولم يتضح ما إذا كانت الشركات المصنعة المحلية مثل شركة "تشانغشين ميموري تكنولوجيز" (ChangXin Memory Technologies) سيكون لديها السعة والقدرة التقنية التي تكفي فقط لدعم أهداف "هواوي" الإنتاجية الأعلى.

قد تسعى بكين أيضاً للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي من الدرجة الأولى - وقد تجد واشنطن أكثر استعداداً لذلك مما كانت عليه في السنوات السابقة. لقد أشار ترمب سابقاً إلى أنه قد يفكر في السماح لشركة "إنفيديا" ببيع نسخة تصديرية أكثر تقدماً من "بلاكويل" إلى الصين كجزء من جهود إدارته للحفاظ على نفوذ وحصة الولايات المتحدة في السوق. وتتفوق "بلاكويل" بكثير على أي شيء متاح حالياً للصين.

ربما تسعى الصين كذلك إلى تجميد تطبيق القيود الأميركية المقرر دخولها حيز التنفيذ، بما في ذلك تلك التي تستهدف وصولها إلى الحوسبة السحابية. وقد استخدمت الشركات الصينية الحوسبة السحابية للالتفاف على ضوابط التصدير الأميركية للأجهزة المتقدمة.

إذا طبقت الولايات المتحدة ضوابط تصدير جديدة بين الآن واجتماع ترمب وشي، كما فعلت قبل المحادثات في وقت سابق من هذا العام في لندن، يحتمل أن تدفع بكين نحو إزالتها أيضاً. هدد ترمب حديثاً بتقييد "البرمجيات الحيوية"، لكنه لم يعلن بعد عن أي تدابير محددة.

من جانبها، ستسعى واشنطن إلى الحصول على التزامات بأن قواعد الرقابة الموسعة التي أعلنت عنها الصين حديثاً على الصادرات من المعادن النادرة والتقنيات ذات الصلة لن تعطل الشركات المصنعة الأميركية، وأن تُنجز تراخيص التصدير بسرعة.

يُرجح أن تدفع الولايات المتحدة نحو شراء الصين للسلع الزراعية الأميركية، خاصة فول الصويا وهو أولوية سياسية لترمب، ويقال إن التفاوض على بيع الصين ما يصل إلى 500 طائرة "بوينغ" بات في المراحل الأخيرة من المفاوضات. كما قد يحث ترمب شي على استئناف استيراد منتجات الطاقة الأميركية، التي توقفت منذ أوائل فبراير عندما فرضت الولايات المتحدة أول حزمة رسوم جمركية على الصين في ظل ولاية ترمب الثانية.

قد يطلب ترمب زيادة إتاحة وصول الشركات الأميركية إلى السوق الصينية، وهي نقطة نقاش معتادة للولايات المتحدة مع الصين، تشمل مجالات اهتمام الشركات الأميركية تحديداً الامتثال للقوانين الصينية (على سبيل المثال، قانون مكافحة العقوبات الأجنبية وقوانين مكافحة التجسس)، وحواجز الدخول، وما يصفونه بالتطبيق غير المتسق والغامض للوائح.

قد تضغط إدارة ترمب أيضاً على بكين لإجراء إصلاحات تهدف إلى حماية الملكية الفكرية ونقل التقنية والدعم الصناعي وغيرها من المخاوف الأميركية الموضحة في تقدير التجارة الوطنية السنوي للممثل التجاري الأميركي لهذا العام.

يُرجح أن تضغط بكين من أجل خفض نسب الرسوم الجمركية، خاصة المتعلقة بالفنتانيل وقدرها 20%، أي ما يقرب نصف عبء التصدير الحالي للصين إلى الولايات المتحدة. قد تفضل الصين خفض معدلات رسومها الجمركية إلى المتوسط ​​العالمي وهو 13.1%، أو على الأقل أن تتبع معدلات اقتصادات آسيا والمحيط الهادئ الأخرى، أي نحو 20%.

إذا ظلت الولايات المتحدة تركز على تقليل اعتمادها النسبي على الواردات من الصين، فلن يكون هناك مجال كبير لخفض الرسوم الجمركية. لكن نفوذ الصين في مجال المعادن الحيوية ورغبة ترمب في إبرام صفقات قد يمهدان الطريق لتخفيضات أعمق.

في المقابل، قد تضمن الولايات المتحدة التزامات من الصين بشراء مزيد من فول الصويا وغيره من السلع الأميركية، بل وحتى اتخاذ خطوات نحو تحسين الوصول إلى الأسواق وظروف الشركات الأميركية.

لكن قد يثبت أن تنفيذ هذه الوعود سيكون أصعب، فقد خلص مكتب الممثل التجاري الأميركي أن الصين لم تف بالتزاماتها بموجب اتفاقية التجارة للمرحلة الأولى التي وقعها ترمب مع بكين في ولايته الأولى.

الاستثمارات الصينية في أميركا

جاء في تقارير إعلامية أن بكين عرضت على الولايات المتحدة استثمارات جديدة بقيمة تريليون دولار، ويُرجح أن تركز هذه المبادرات على قطاعات أقل حساسية مثل تصنيع السلع الاستهلاكية أو سلاسل توريد الطاقة النظيفة، إذ يمكن لرأس المال والمعرفة الصينية أن تعزز جهود إعادة التصنيع إلى الأرض الأميركية في مجالات تشعر بكين براحة في دخول السوق الأميركية عبرها ويمكنها فيها التحكم في ملكيتها الفكرية.

تملك إدارة ترمب سلطةً واسعةً من حيث الموافقة على مثل هذه الاستثمارات أو وضع شروط لها. ونظراً لمقارباتها التي تميل نحو عقد الصفقات، فقد تقبل واشنطن تمويلاً صينياً محدوداً في صناعات منخفضة المخاطر إذا كان بإمكانها المطالبة بفوائد متبادلة. لكن التشكك لدى الحزبين والقيود على مستوى الولايات وخطر المراجعات المستقبلية أو سحب الاستثمارات القسري تجعل إعادة فتح أوسع نطاقاً غير مرجحة.

الفنتانيل و"تيك توك" وتايوان

قد يضغط ترمب أيضاً على شي للحصول على بعض التنازلات المتعلقة بالفنتانيل. في الماضي، طلبت إدارة ترمب من بكين إعدام المتاجرين، ونشر مجريات الحملة على المواد التي تستخدم لإنتاج الفنتانيل عبر وسيلة الإعلام الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني وتشديد الرقابة على مواد كيميائية محددة. لا يرجح حدوث الأمرين السابقين، لكن بكين قد تكون على استعداد لتوسيع ضبط أشيع المواد المستخدمة لإنتاج الفنتانيل كما فعلت في الماضي.

يرجح أن يكون استكمال صفقة "تيك توك" على جدول الأعمال. ادعى ترمب الفضل في "إنقاذ" التطبيق، ووقع على أمر تنفيذي في 25 سبتمبر مهد الطريق لاستحواذ جزئي من القطاع الخاص على عملياته في الولايات المتحدة. لكن بكين لم تؤكد الشروط، وما تزال هناك أسئلة رئيسية تشمل من سيتحكم في خوارزمية ”تيك توك“.

فيما مضى، غالباً ما كانت الولايات المتحدة تتناول المخاوف بشأن ممارسات الصين في مجال حقوق الإنسان، ونشاطها في بحر الصين الجنوبي، وقضايا أمنية أخرى، لكن ترمب لا يميل إلى إعطاء الأولوية لهذه المخاوف ولا يرجح أن يضغط على شي بشأنها.

قد يطرح حرب روسيا في أوكرانيا ويشجع شي على استخدام نفوذه مع بوتين للضغط من أجل إنهاء الحرب، كما فعل على الأرجح في محادثات سابقة مع شي.

من جانبها، يُتوقع أن تسعى بكين إلى تعديلات في نهج الإدارة تجاه تايوان، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية الأميركية ومبيعات الأسلحة. تشير تقارير أيضاً إلى أن الصين قد تحث ترمب على اتخاذ موقف أقوى بشأن استقلال تايوان، برغم أن مثل هذا الطلب ليس مرجحاً طرحه على مستوى القادة.

ماذا يمكن بلوغه خلال لقاء ترمب وشي؟

إجمالاً، يُشير جميع ما سبق إلى ضيق هامش تلاقي الطرفين على اتفاق، مع تناقص الوقت المتاح للطرفين ليتفقا. هذا يزيد من احتمال موافقة القادة ببساطة على تمديد هدنة الرسوم الجمركية التي توصل البلدان إليها في مايو وتنتهي في نوفمبر.

كبديل، قد يعلن ترمب عن إطار عمل للاتفاق، كما فعل مع أوروبا واليابان ودول أخرى، ويترك التفاصيل للنقاش لاحقاً. الاحتمال الثالث: استمرار تصاعد التوترات، ما يبدد فرص عقد اجتماع أو انفراج.