"مدى" يصدر دراسة جديدة حول العنف الرقمي ضد الصحفيين الفلسطينيين: واقع متصاعد وتداعيات خطيرة على حرية الصحافة

2025-11-10 16:01:40

أصدر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) دراسة شاملة بعنوان "العنف الرقمي الذي يواجهه العاملون في قطاع الصحافة في فلسطين"، والتي تقدم تحليل معمق للتهديدات والانتهاكات الرقمية المتزايدة ضد الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في ظل منظومة مركبة تشمل الاحتلال الإسرائيلي والسلطات المحلية والشركات التكنولوجية الكبرى.

تأتي هذه الدراسة في مرحلة تتسارع فيها عمليات التحول الرقمي عالميا، فيما يتحول الفضاء السيبراني الفلسطيني إلى ساحة قمع ورقابة وسيطرة بدلا من أن يكون مساحة حرة للتعبير. وترصد الدراسة أكثر من 12 شكلا من أشكال العنف الرقمي الذي يستهدف الصحفيين، وتكشف بالاستناد إلى الاستبيان والمقابلات الميدانية حجم التأثير النفسي والمهني والاجتماعي لهذه الانتهاكات.

وجاء من بين التوصيات في الدراسة التي أعدها الباحث الرئيسي وسام أبو طيور والباحث المساعد يونس بعلوشة وصدرت ضمن أنشطة مشروع "تعزيز الحيز المدني والمساءلة المجتمعية في فلسطين" بتمويل من الاتحاد الأوروبي، إلى ضرورة إنشاء وحدة متخصصة في الحماية الرقمية في فلسطين، تطوير إطار قانوني فلسطيني يضمن حماية الحقوق الرقمية، وتوفير دعم نفسي ومهني للصحفيين ضحايا العنف الرقمي.

تتضمن الدراسة ثمانية فصول رئيسية استندت إلى مناهج تحليلية وميدانية، وأبرزها الإطار المفاهيمي للعنف الرقمي، حيث تعرف الدراسة العنف الرقمي باعتباره أداة قمعية متنامية تستخدم فيها التكنولوجيا لتهديد الصحفيين، ابتزازهم، تشويه سمعتهم، تتبعهم، أو اختراق معلوماتهم. وتوضح في هذا السياق أن الاحتلال الإسرائيلي والسلطات في الضفة وغزة يوظفون أدوات رقمية لمراقبة المحتوى، حجب الحسابات، أو استدعاء الصحفيين بناء على نشاطهم على الإنترنت.

وبينت الدراسة في فصلها الثاني أن تشويه السمعة كان من أكثر الأنماط التي يواجهها الصحفيون شيوعا، حيث تعرض 55.6% من الصحفيين لحملات منظمة عبر المنصات الرقمية لتشويه السمعة، وتلاها الاختراق وسرقة البيانات بنسبة 48.1%، والمراقبة الالكترونية بنسبة 46.3% إضافة لإشكال العنف الرقمي الأخرى مثل التحرش الرقمي، التهديدات، التنمر، نشر الكراهية وانتحال الهوية.

وكشفت الدراسة عن ثلاثة من الفاعلين الرئيسيين والذين يمارسون العنف الرقمي ضد الصحفيون/ات، وكان الاحتلال الإسرائيلي هو الفاعل الأكثر تأثيرا ويمارس انتهاكاته عبر المراقبة السيبرانية، حجب المحتوى الفلسطيني عبر أدوات السيطرة والخوارزمية. كما كان للسلطات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة دورا في ممارسة العنف الرقمي حيث تمارس هذه السلطات استدعاءات أمنية وتهديدات على خلفية حرية الرأي وتقييدا للمساحة الرقمية. أما الشركات التكنولوجية الكبرى فتمارس العنف الرقمي ضد الصحفيين/ات عبر الأدوات الخوارزمية التي تقلّص وصول المحتوى الفلسطيني وتسمح بحذفه أو تقييده بشكل منهجي.

ووثقت الدراسة في فصلها الرابع التأثيرات النفسية والمهنية والاجتماعية الخطيرة التي ترافق العنف الرقمي على الصحفيين/ات الفلسطينيين، مبينة التأثر النفسي يظهر من خلال فجوة جندرية واضحة، حيث تعاني 80% من الصحفيات من ضغط نفسي مقابل 68.9% من الصحفيين الذكور. كما أفاد 84% من الصحفيين بارتفاع الرقابة الذاتية لديهم، و40% من الصحفيات تبين أنهن يفكرن بمغادرة المهنة بسبب الرقمي مقابل 26.7% من الصحفيين الذكور. كما أن هذا العنف انعكس على حياة الصحفيين الاجتماعية إذا أن 52.9% من الصحفيين قالوا إنه أثر على علاقاتهم الأسرية، و42.9 أصبحوا يخشون على سلامة أفراد عائلاتهم بعد تلقي تهديدات مباشرة.

 تتناول الدراسة في فصلها الخامس القوانين الفلسطينية السارية وعلى رأسها قانون الجرائم الإلكترونية، وتبرز التحديات في مواءمته مع المعايير الدولية، إضافة إلى غياب أطر قانونية واضحة تحمي الصحفيين رقميا أو تضمن الوصول إلى المعلومات.

واستعرضت الدراسة أدوات الحماية الرقمية، الدعم النفسي، وإجراءات السلامة التي يعتمدها الصحفيون، وتكشف محدودية الدعم المؤسسي وضعف البنية التحتية للحماية القانونية والفنية.

وكان من أبرز نتائج الدراسة:

اتساع نطاق العنف الرقمي ضد الصحفيين الفلسطينيين ليشمل التشهير، التهديد، الاختراق، والمراقبة، مع ارتفاع في شدته منذ 2021.

تعدد الجهات المنفذة للعنف، مع كون الاحتلال اللاعب الأكثر تأثيرًا بفضل امتلاكه للتقنيات وتسلطه على البنية الرقمية الفلسطينية.

آثار نفسية عميقة وصلت إلى القلق المزمن والاكتئاب وتراجع الثقة بالنفس، خصوصًا لدى الصحفيات.

تأثير مهني واضح يشمل الرقابة الذاتية، تجنب القضايا الحساسة، وتراجع الإنتاجية الإعلامية.

فجوات قانونية كبيرة تمنح المنتهكين قدرة على الإفلات من العقاب، مع ضعف آليات الحماية المحلية.

غموض في السياسات الرقمية للشركات العالمية يؤثر سلبًا على المحتوى الفلسطيني ويؤدي لحذفه أو إخضاعه لخوارزميات من نوع معين.

 

لقراءة الدراسة بالكامل:

دراسة بعنوان: "العنف الرقمي الذي يواجهه العاملون في قطاع الصحافة في فلسطين"