(( السعودية ! ))
على أهمية ما يُقدمه الأشقاء والأصدقاء، من دعمٍ وإسنادٍ للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، فإنّ من المهم والواجب الإشارة والإشادة بما تضطلع به الرياض من مهام، وما تمارسه من ضغوطات، وتتخذه من مواقف، وتنتهجه من سياساتٍ داعمةٍ للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، بالشراكة مع فرنسا، لجهة الإبقاء على حل الدولتين، الذي يحاول نتنياهو عبثًا ومَن معه في ائتلاف الشر تقويضه، ووأد حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة بعد كل هذا الطواف الطويل من العذاب.
بعيدًا عن صخب الشعارات، وعنعنة الخطابات، فإنّ المملكة تحث الخطى بصلابة المواقف، وجسارة القرارات، ورفض أيّ تسوياتٍ أو مقارباتٍ لا تستجيب لحل الدولتين، وهي بتلك المواقف إنّما تؤكد أهمية الأوراق التي يمتلكها العرب والمسلمون لإحقاق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، التي دون نيلها لن تنعم المنطقة ولا العالم بالسلام والاستقرار.
فالسلام نقيض العدوان، ونقيض التوسع والاستيطان، وهو نقيض القتل، والتجويع، والترويع، والحصار، فثمة طريق واحد ووحيد لبلوغه يمر عبر الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته على حدود الرابع من حزيران عام ٦٧.
فإذا كانت الانتفاضة الأولى، التي تمر ذكراها الثامنة والثلاثون هذه الأيام، دفعت الاحتلال إلى توقيع اتفاق "أوسلو" الذي -رغم كل ما يشوبه من مثالب- بدّد سردية المحتل بأنّ فلسطين أرضٌ بلا شعبٍ لشعبٍ بلا أرض، من خلال إعادة تعريف الأرض بأنها فلسطين، والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني باعتباره صاحب الأرض، فإنّ ما تقوم به السعودية اليوم بما تمتلكه من ثقلٍ دوليّ يتجاوز "أوسلو" ومثالبه، وينتقل بالشعب الفلسطيني إلى مرحلة إقامة دولته المستقلة، التي تشارك باريس في صياغة دستورها.
لقد أثبتت التجارب الماضية أنّ من شأن الضغوط العربية أن تؤتي أُكلها، فالموقف المصري من التهجير، ومن خطاب نتنياهو بفتح معبر رفح بخروجٍ بلا عودة، أجهض تلك الفكرة الشيطانية، وأسّس بهدوءٍ لعودة السلطة إلى غزة، مثلما أطاحت صلابة الموقف العربي والإسلامي بحلم بلير بأن يصبح مندوبًا ساميًا لغزة