من الإيواء إلى الإدماج ... ورشة وطنية لمناقشة واقع البيوت الآمنة واستراتيجيات التطوير

2025-12-10 15:52:42

على هامش حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء والتي جاءت هذا العام تحت شعار " #من النجاة الى القوة، النساء يعدن بناء فلسطين. عقدت المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية REFORM، اليوم في رام الله، وبالشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، ورشة عمل وطنية لعرض ومناقشة مخرجات الدراسة الرصدية حول واقع البيوت الامنة في فلسطين

جاءت الورشة ضمن جهود تعزيز منظومة الحماية للنساء والفتيات المعرّضات للعنف، والانتقال من نموذج الحماية بالإيواء إلى نهج الحماية بالإدماج والتمكين الشامل.

في كلمته الافتتاحية، أكد السيد عدي أبوكرش، مدير عام مؤسسة REFORM، أن الورشة تأتي في إطار التزام المؤسسة بتطوير استجابات وطنية أكثر تكاملًا وفاعلية لحماية النساء المعرّضات للعنف، مشيرًا إلى أن تعزيز التشبيك بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني يشكل “شرطًا أساسيًا لبناء منظومة حماية قادرة على التخفيف من أسباب العنف ومعالجة جذوره الاجتماعية. كما تحدث السيد ابوكرش عن ضرورة معالجة العنف البنيوي للحد من العنف المباشر، والحد من عزل النساء المعنفات من خلال ترسيخ فلسفة الادماج والتمكين، وعدم السماح للنساء المعنفات باللاعودة الى مجتمعاتهم. من خلال السير في مراحل متدرجة لإعادة ادماج النساء في المجتمع.

وفي كلمتها، أكدت السيدة هبة جيبات، رئيسة وحدة المرأة والنوع الاجتماعي في وزارة التنمية الاجتماعية، أن هذه الدراسة جاءت بناءً على طلب مباشر من وزارة التنمية بهدف الوقوف بشكل مهني ودقيق على الفجوات والتحديات في تقديم الخدمات داخل مراكز الحماية، وفهم تجارب الناجيات ودرجة رضاهن عن نوعية الخدمات المقدمة لهن.

وأضافت أن الوزارة — ومن منطلق الشفافية والحياد والمصداقية — ارتأت عدم أن تكون الجهة المقدِّمة للخدمة وفي الوقت نفسه الجهة المقيِّمة لها؛ وعليه، جرى الطلب من صندوق الأمم المتحدة للسكان الإشراف على عملية التقييم والتعاقد مع جهة خارجية محايدة لضمان موضوعية النتائج واستقلالية عملية الرصد والمتابعة.

وشدّدت جيبات على أن الوزارة تكثّف جهودها لتوفير خدمات حماية متكاملة للنساء والفتيات ضحايا العنف، وتسعى بشكل ممنهج لرفع جودة الخدمات داخل مراكز الحماية، والعمل بالشراكة مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع

المدني للوصول إلى منظومة حماية شاملة، تُمكّن الناجيات من استعادة حياتهن والاندماج الآمن في المجتمع. وأشارت إلى أن التوجه الاستراتيجي الحالي للوزارة يقوم على التحول التدريجي من الإيواء إلى الدمج المجتمعي، بما يعزز استقلالية النساء ويخفف العوامل المسببة للعنف.

وأكدت أن الوزارة تأمل أن تشكّل هذه الورشة مساحة حوار مهني معمّق نخرج منها بتوصيات عملية تصب في مصلحة المنتفعات والناجيات، وتُسهم في تطوير منظومة الحماية الوطنية وتحسين جودة الخدمات داخل مراكز الإيواء.

واختتمت بالتأكيد على اعتزاز وزارة التنمية الاجتماعية بالشراكات القائمة مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية والشركاء الدوليين، معتبرةً أن هذا التعاون يمثل نموذجًا للعمل المشترك الذي يضع المرأة والناجيات من العنف في صميم الاهتمام ولبّ عملية التطوير

شدّدت الأستاذة سناء العاصي ياسين، مديرة برنامج النوع الاجتماعي ومناهضة العنف السكان في صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، على أن إطلاق هذه الدراسة يتزامن مع حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء، التي رفعت فيها نساء فلسطين شعار "النساء يعدن بناء فلسطين" تعبيرًا عن دورهن المحوري في إعادة بناء المجتمع والدولة. وأكدت العاصي أن هذه الدراسة تأتي في توقيت بالغ الأهمية لما تحمله من دلالات للنساء المعنفات، مشيرةً إلى ضرورة تكاتف مختلف الجهات لمعالجة مسببات العنف. كما لفتت إلى أن نتائج الدراسة ستفتح آفاقًا جديدة للتفكير في مسارات أكثر فعالية وأمانا وأكثر شمولية واستجابة لاحتياجات النساء وحمايتهن.

قدّم الباحث ناصر الريس عرضًا تفصيليًا لنتائج الدراسة التي رصدت واقع مراكز الإيواء في الضفة الغربية، متناولًا قدراتها، التحديات التي تواجهها، نوعية الخدمات المقدّمة، وآليات التنسيق بين الشركاء. وأبرزت الدراسة أن مراكز الإيواء — على أهميتها كخط دفاع أخير — ما زالت تواجه فجوات في البنية التحتية، وبعضها ما زال لديه نقص في الموارد البشرية المتخصصة، وبرامج التمكين الاقتصادي، وأن ضعف التنسيق التشريعي والإجرائي يؤثر على قدرة النظام الوطني على تقديم حماية شاملة ومستدامة.

شهدت الورشة نقاشًا موسعًا بين الحضور من ممثلي المؤسسات الحكومية والحقوقية والأهلية، ركز على الحاجة إلى تطوير منظومة وطنية موحدة لإدارة معلومات الحماية وربط الجهات الشريكة بنظام إلكتروني واحد. وضرورة تعديل منظومة التشريعات، بما يشمل قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، لإدراج أوامر الحماية وتجريم مختلف أشكال العنف والتحرش بما فيها الرقمية. تعزيز صلاحيات الشرطة والنيابة في إصدار وتنفيذ أوامر الحماية بحق مُرتكبي العنف، بدلًا من تحميل النساء أعباء مغادرة بيئتهن. تطوير قدرات العاملات والعاملين في مراكز الإيواء، إضافة إلى

توفير دعم نفسي مستدام لهم. كما اكد الحضور علة اهمية تصميم برامج تمكين اقتصادي موجّهة للناجيات، بما يشمل التدريب المهني، المشاريع الصغيرة، والربط مع سوق العمل المحلي. وإطلاق حملات مجتمعية مستدامة لتغيير المواقف الاجتماعية المبرّرة للعنف والتمييز.

أوصت الدراسة بضرورة التحول من الحماية بالإيواء إلى الحماية بالإدماج، من خلال اعتبار الإيواء خيارًا أخيرًا في فلسفة الحماية. تعزيز قدرة النساء على استعادة السيطرة على حياتهن عبر التمكين القانوني والنفسي والاقتصادي. إشراك المجتمع المحلي في مساندة الناجيات وتهيئة بيئة اجتماعية داعمة لإعادة الإدماج. تطوير شراكات ثلاثية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإنشاء صندوق وطني لدعم البيوت الآمنة.

اختُتمت الورشة بتأكيد الشركاء الثلاثة — وزارة التنمية الاجتماعية، UNFPAوصندوق الامم المتحدة للسكان ، و المؤسسة على استمرار التعاون لتطوير سياسات وطنية مستجيبة للعنف المبني على النوع الاجتماعي، وتعزيز بيئة حماية عادلة وآمنة للنساء والفتيات في فلسطين، بما ينسجم مع الالتزامات الدولية والتوجهات الوطنية لحماية حقوق الإنسان ودعم الفئات الأكثر هشاشة.

 

ويمكنكم الاطلاع على الدراسة من خلال الضغط هنا