خاص| لقاءات الوسطاء في ميامي.. للإنقاذ أم للإنفاذ؟
بحثت تطورات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال لقاءات ووساطات إقليمية ودولية، وسط تحذيرات من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية قد يهدد مسار الانتقال إلى المرحلة الثانية، في وقت تتكثف فيه الاتصالات مع حركة حماس بشأن ترتيبات ما بعد المرحلة الأولى.
أثنت قطر ومصر وتركيا، في بيان مشترك، على ما جرى تنفيذه خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أن الهيئة التي ستتولى إدارة القطاع ستكون تحت سلطة موحدة ضمن ترتيبات المرحلة الثانية من الاتفاق.
وفي السياق ذاته، نقل عن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قوله إن الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في غزة تُعرّض خطة السلام للخطر، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف متفقة على ذلك، لافتًا إلى التوصل لتفاهمات وصفها بالمبشرة خلال المحادثات التي عُقدت في مدينة ميامي.
وذكرت مصادر أمنية تركية أن رئيس جهاز الاستخبارات التركي التقى رئيس حركة حماس في قطاع غزة وكبير مفوضيها، خليل الحية، وبحث معه الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى سبل منع انتهاكات الاحتلال للاتفاق، ومعالجة القضايا العالقة تمهيدًا لاستكمال مراحله.
وحول دلالات هذه اللقاءات، قال الكاتب والمفكر الفلسطيني معين الطاهر إن الاجتماعات التي عُقدت في ميامي تُعد الأهم منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول، كونها جمعت ما يُعرف بـ"الدول الضامنة"، بما فيها الولايات المتحدة، التي يُفترض أن تضغط على الجانب الإسرائيلي للالتزام بالاتفاق.
وأوضح الطاهر أن مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتضمن تفاصيل واضحة، ما يجعل كل مرحلة من الاتفاق بحاجة إلى مفاوضات جديدة وكأنها تبدأ من الصفر، معتبرًا أن المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية بدأت فعليًا لكنها ما تزال متعثرة.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية استمعت خلال الأيام الماضية إلى وجهة النظر العربية والإسلامية بشأن المرحلة الثانية، لكنها ستستمع أيضًا إلى الموقف الإسرائيلي خلال اللقاء المرتقب بين ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، والذي من شأنه أن يحدد مسار المفاوضات المقبلة.
ورجّح الطاهر أن يحاول نتنياهو مقايضة بدء المرحلة الثانية بتصعيد إقليمي، عبر توجيه ضربة لإيران، مقابل موافقة أمريكية، في ظل خلافات أمريكية – إسرائيلية ظهرت مؤخرًا، مؤكدًا أن نتائج لقاء ترامب ونتنياهو ستكون حاسمة.
وفيما يتعلق بإدارة قطاع غزة، لفت الطاهر إلى وجود حديث عن تشكيل لجنة من فعاليات محلية لضبط الأمن، وهو ما ورد بشكل واضح في البيان المشترك، معتبرًا أن ذلك قد يشكّل مخرجًا للفلسطينيين، خاصة إذا تم التوافق على ربط هذه اللجنة بالسلطة الفلسطينية عبر رئاسة وزير من السلطة للجنة الإدارة المحلية.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد مفاوضات معقدة تتناول ملفات جديدة، أبرزها قضية سلاح حركة حماس، ودور ومهام القوة الدولية المحتملة، وهي قضايا لم تُحسم حتى الآن، سواء في اجتماعات شرم الشيخ أو لقاءات ميامي.
وحول لقاء رئيس الاستخبارات التركية بقيادة حماس، أوضح الطاهر أن الاجتماع يندرج في إطار إطلاع الحركة على ما يجري في المفاوضات، وأخذ تعهدات واضحة منها، مشيرًا إلى أن موقف حماس بات أكثر وضوحًا، خاصة فيما يتعلق بملف السلاح، حيث ترفض الحركة مصطلح "نزع السلاح"، وتطرح بدائل مثل "تجميد" أو "تخزين" السلاح، باعتبار المرحلة المقبلة مرحلة استقرار وإعادة إعمار، لا مرحلة مواجهة عسكرية.
وأكد أن الخلاف الأساسي بات على الصياغات والمصطلحات أكثر من الجوهر، بينما تبقى القضية الأكثر تعقيدًا هي تحديد مهام القوة الدولية، خاصة في ظل رفض العديد من الدول المشاركة في أي قوة قد تدخل في مواجهة مباشرة مع السكان أو المقاومة في غزة.
وختم الطاهر بالتأكيد على أن إعادة الإعمار ستُرحّل إلى مرحلة لاحقة، ما يعني استمرار المأساة الإنسانية في قطاع غزة، خاصة خلال فصل الشتاء، في ظل غياب أفق زمني واضح للانتقال إلى المرحلة الثالثة.