خاص | إسرائيل تُعد بنية تحتية لتوطين مليون مستوطن خلال 10 سنوات

2025-12-23 11:30:11

حذّر الباحث في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي من أن الضفة الغربية تشهد أخطر حملة استيطانية منذ عقود، مؤكدًا أن ما يجري حاليًا لا يقتصر على إعادة مستوطنين إلى مناطق محددة مثل مستوطنة صانور شمال جنين، بل يمثل مشروعًا شاملًا يستهدف كامل الضفة الغربية ويهدف إلى إعادة هندسة الوجود الفلسطيني فيها.

وأوضح الهندي في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية أن القرارات والقوانين التي اتخذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية، مهّدت لعودة المستوطنين إلى مناطق أُخليت سابقًا، مشيرًا إلى أن هذه الحملة تشبه إلى حد كبير ما جرى خلال حكومة إسحاق شامير بين عامي 1989 و1992، حين بُنيت آلاف الوحدات الاستيطانية دون أن يتم إشغالها فورًا، في إطار مخطط بعيد المدى.

وبيّن أن المخطط الإسرائيلي في تلك الفترة، كما في المرحلة الحالية، يقوم على إسكان مليون إسرائيلي داخل الضفة الغربية، معتبرًا أن ما يحدث اليوم هو إعداد بنية تحتية استيطانية لعشر سنوات قادمة على الأقل، في وقت تشهد فيه إسرائيل تراجعًا في الهجرة، بل ونوعًا من الهجرة المعاكسة، نتيجة الحرب على قطاع غزة والتوترات الإقليمية مع إيران وحزب الله.

وأشار الهندي إلى أن هذه السياسة تتناقض مع الواقع الداخلي الإسرائيلي، لكنها تعكس إصرارًا على فرض وقائع ميدانية جديدة، مؤكدًا أن الهدف المُعلن من قبل المسؤولين الإسرائيليين هو توطين مليون مستوطن في الضفة الغربية «بلا خجل»، على حد وصفه.

وأضاف أن خطورة المشروع لا تكمن فقط في إقامة مستوطنات جديدة، بل في مخطط واسع لإزالة الأسوار والحواجز التي كانت تحيط بالمستوطنات ودمجها جغرافيًا مع المناطق الفلسطينية، في محاولة لتحويلها إلى فضاءات مفتوحة للمستوطنين، بما يؤدي إلى تفكيك التجمعات الفلسطينية ودفع سكانها نحو التهجير القسري.

وأكد الهندي أن الفلسطينيين الذين فشلت إسرائيل في تهجيرهم منذ عام 1967 أصبحوا اليوم معادلة أساسية في فلسطين التاريخية، مشيرًا إلى أن المشاريع الاستيطانية لن تحل أزمة الاحتلال، بل ستعمّق المأزق الإسرائيلي سياسيًا وأمنيًا، رغم ما ستسببه من معاناة متزايدة للفلسطينيين وأزمات متلاحقة في حياتهم اليومية.

وفيما يتعلق بالمواقف الدولية، أوضح الهندي أن المجتمع الدولي منقسم إلى ثلاثة مستويات: موقف أممي واضح يرفض الاحتلال لكنه عاجز عن فرض قراراته، وموقف دولي غربي يستنكر السياسات الإسرائيلية دون امتلاك أدوات ضغط حقيقية، رغم أن أوروبا تمتلك ورقة العقوبات الاقتصادية القادرة على التأثير في إسرائيل، وموقف ثالث تقوده الولايات المتحدة التي توفر غطاءً سياسيًا كاملًا للاحتلال، ما مكّنه من تنفيذ مشاريع استيطانية خطيرة خلال السنوات الماضية.

وشدد على أن الرهان على المواقف الدولية وحدها غير كافٍ، داعيًا إلى موقف عربي وإسلامي موحد يرى في إسرائيل تهديدًا وجوديًا للمنطقة، وليس كدولة يمكن التعايش معها.

وحول تداعيات إعادة المستوطنين إلى مستوطنة صانور، أكد الهندي أن عودتهم ستنعكس سلبًا على القرى الفلسطينية المحيطة، مشيرًا إلى أن تجارب الاستيطان في مختلف مناطق الضفة الغربية تُظهر نمطًا واحدًا من السلوك، يتمثل في سرقة الأراضي، والاعتداء على السكان، وفرض التضييق اليومي عليهم، بهدف دفعهم إلى الرحيل، في إطار مشروع «إسرائيل الكبرى» على كامل فلسطين التاريخية.

وختم الهندي بالتأكيد على أن ما يجري في صانور ليس استثناءً، بل نموذجًا لما يُخطط له في عموم الضفة الغربية، في واحدة من أخطر المراحل التي يمر بها الشعب الفلسطيني.