خاص | قرية عين يانون تحت الضغط واستيطان متصاعد يهدد بالتهجير
تعيش قرية عين يانون (يانون الفوقا)، الواقعة شمال بلدة عقربا جنوب نابلس، واحدة من أخطر موجات التصعيد الاستيطاني، انتهت بتهجير قسري لما تبقى من سكانها، في ظل انسحاب كامل لقوات الاحتلال وترك الساحة للمستوطنين الذين فرضوا سيطرة مطلقة على المنطقة.
وتقع عين يانون جغرافياً إلى الشمال من عقربا، وتُعد خربة تابعة لها، إلى جانب خرب أخرى مثل الطويلة ودل الخشبة والفج. ويعود تاريخ الاعتداءات على المنطقة إلى سنوات طويلة، حيث تعرض سكانها منذ ما قبل عام 2002 لاعتداءات متكررة من المستوطنين، شملت الاعتداء الجسدي، وتلويث مصادر المياه، ما أدى سابقاً إلى تهجير عدد من العائلات، قبل أن يعود بعضهم لاحقاً بوجود متضامنين أجانب حتى عام 2017.
وبحسب الناشط يوسف ديرية من بلدة عقربا، فقد تصاعدت الاعتداءات بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر، حيث بدأت بسلسلة من القيود شملت منع أهالي عقربا من الوصول إلى عين يانون، رغم قربها الجغرافي، وإقامة حاجز عسكري اشترط الحصول على “تصريح” من المستوطن نفسه للدخول، في مشهد وصفه الأهالي بـ”المهين”.
وخلال الأسابيع الأخيرة، انسحب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من المنطقة، ليفسح المجال أمام المستوطنين الذين استولوا على منازل، وحرثوا ما تبقى من سهل يانون، ومنعوا الأهالي من الصلاة في المسجد الواقع في خربة يانون (المنطقة المصنفة “ب”)، كما فرضوا تفتيشاً على السكان، واعتدوا على الثروة الحيوانية، ومنعوا خروج الأغنام أو إدخال الأعلاف والأدوية والمواد الغذائية، وحتى نقل المرضى.
وأشار ديرية في حديثه لشبكة رايـــة الإعلامية إلى أن التضييق بلغ ذروته حين مُنحت العائلات مهلة زمنية لمغادرة عين يانون، ما أدى إلى تهجير خمس عائلات، يقدّر عدد أفرادها ما بين 20 إلى 25 شخصاً.
واضطرت بعض العائلات للانتقال إلى بلدة عقربا، فيما لجأ آخرون إلى خربة يانون التحتا، لعدم توفر مساكن بديلة، بينما رفض بعض الأهالي المغادرة حتى اللحظات الأخيرة، قبل أن يُجبروا على ذلك تحت الضغط والتهديد.
كما أدى الوضع الأمني إلى إخلاء المدرسة الوحيدة في عين يانون، والتي تُعرف بأنها من أصغر المدارس في العالم، وتضم ستة طلاب وستة معلمين، بعد منع الطلبة والمعلمين من الوصول إليها.
وفي موازاة ذلك، أقدم المستوطنون على قطع المياه عن خربة يانون التحتا، التي تعتمد أساساً على عين المياه في يانون الفوقا، ومنعوا أي أعمال ترميم أو تشطيب للمنازل، في محاولة واضحة لدفع السكان إلى الرحيل القسري.
وأكد ديرية أن بلدية عقربا تواصلت مع مختلف الجهات الرسمية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان والمؤسسات الدولية، إلا أن التدخلات بقيت محدودة، في ظل عجز دولي عام عن وقف الاعتداءات، مطالباً بوقفة وطنية وقانونية جادة لإعادة الأهالي إلى بيوتهم، وفتح المدرسة، وضمان حرية العبادة والحياة الكريمة.
وحذر من أن ما جرى في عين يانون ليس حالة معزولة، بل جزء من مخطط أوسع، خاصة أن بلدة عقربا باتت محاصرة اليوم بأكثر من 25 بؤرة ومستوطنات، بعد أن كانت 18 فقط قبل أشهر، ما يجعل المنطقة بأكملها عرضة لخطر التهجير والتوسع الاستيطاني المتسارع.
وختم ديرية بالقول إن “عين يانون جنة زراعية وسلة غذائية للمنطقة، وتهجير أهلها جريمة لن تتوقف عندها، ما لم تكن هناك وقفة حقيقية لحماية الأرض والإنسان”.