خاص| تصريحات إسرائيلية تهدد وقف إطلاق النار.. هل تتهاوى "خطة ترامب للسلام"؟
في ظل التوترات السياسية المتصاعدة عقب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومع تصريحات إسرائيلية متكررة عن نية العودة إلى العمليات العسكرية، يبرز التساؤل حول مصير ما تُعرف بـ"خطة ترامب للسلام" في المنطقة.
في حديث خاص لـ"رايــة"، قدّم المحلل السياسي والمؤرخ الدكتور جوني منصور قراءة معمقة للمشهد، مشيرًا إلى أن التحركات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة تحمل أهدافًا تتجاوز ظاهرها الدبلوماسي.
وقال منصور إن زيارة المسؤولين الأمريكيين إلى كلٍّ من إسرائيل وقطاع غزة تهدف بالأساس إلى تلميع صورة الولايات المتحدة وتبييض دورها أمام الدول العربية، وذلك في إطار مساعٍ أمريكية لتشكيل تحالف أقوى مع حلفائها في الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذه التحركات تأتي ضمن نهجٍ اتبعه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتعزيز نفوذ واشنطن في المنطقة، ومنع الدول العربية من التوجه نحو قوى دولية منافسة مثل روسيا والصين.
وأوضح منصور أن ترامب يسعى أيضًا إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، عبر دورٍ ضامن لوقف إطلاق النار، ومنع حركة حماس من الاستمرار في حكم قطاع غزة، إضافة إلى العمل على نزع سلاح المقاومة.
وأشار إلى أن قضية جثامين الإسرائيليين المحتجزة في غزة تُستخدم كورقة ضغط دائمة من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يحاول من خلالها كسب الوقت وإبقاء الملف مفتوحًا سياسيًا وأمنيًا، مؤكدًا أن هذا الملف يُستغل باستمرار لتمديد أمد التوتر.
وتابع أن "حماس من جهتها تحاول أيضًا كسب الوقت عبر التلكؤ في تسليم الجثامين، لإعادة تموضعها وإعادة بناء قوتها في عدد من المناطق داخل قطاع غزة"، موضحًا أن نتنياهو يستغل هذا الأمر لتبرير إمكانية العودة إلى القتال أو توجيه ضربات محدودة للحركة، وذلك لطمأنة الشارع الإسرائيلي وإظهار تمسكه بالملف حتى النهاية.
وفيما يتعلق بتصريحات نتنياهو الأخيرة حول استمرار الحرب إلى حين نزع سلاح المقاومة في غزة، أكد الدكتور منصور أن هذه المواقف ليست جديدة، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من السياسات الإسرائيلية الهادفة لإضعاف حماس عسكريًا وسياسيًا.
وقال: "نتنياهو يدرك تمامًا أن حماس لن تسلّم سلاحها، ولذلك يستخدم هذه التصريحات كأداة لتغذية الداخل الإسرائيلي الذي بدأ يتململ من طول أمد الحرب ومن فشل الحكومة في تحقيق النصر الموعود".
وأضاف أن مظاهرات عائلات الرهائن داخل إسرائيل، والمطالبات بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، بل وحتى الدعوات المتزايدة لرحيل القيادة السياسية الحالية، تعكس حجم الإحباط في الشارع الإسرائيلي، ما يدفع نتنياهو لتصعيد خطاباته العسكرية.
وحول احتمالية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بسبب ملف سلاح المقاومة، أشار منصور إلى أن هذا السيناريو ليس مستبعدًا، لكنه رهن بالموقف الأمريكي. وقال:
"الإدارة الأمريكية لن تسمح بانهيار الاتفاق، لكنها قد تستخدم الملف للضغط على الأطراف الفلسطينية، تمامًا كما يجري منذ سنوات في لبنان مع سلاح حزب الله".
وختم بالقول إن إعلان حماس عدم رغبتها في حكم غزة مستقبلاً لا يعني انسحابها من المشهد، بل محاولة لتثبيت دورها السياسي بطريقة جديدة، مشيرًا إلى أن الحركة "تصر على أن يكون من يحكم القطاع طرفًا فلسطينيًا أو عربيًا، لا جهة دولية".