خاص| العودة المنقوصة: النظام المصرفي في غزة بين استئناف العمل وأزمة السيولة الخانقة
بعد أكثر من عامين من التعطّل الكامل بسبب الحرب وتداعياتها، أعلن القطاع المصرفي في غزة عن عودة محدودة للعمل، أثارت جدلًا واسعًا بين المواطنين الذين ينتظرون حلولًا جذرية لأزمة السيولة النقدية.
وقال الباحث الاقتصادي محمد أبو جيّاب في حديث خاص لـ"رايـــة"، إن عودة البنوك للعمل بعد عامين من التوقف تُعد خطوة إيجابية، لكنها "منقوصة" من حيث التأثير الفعلي على حياة المواطنين في غزة، مشيرًا إلى أن ما أُعلن عنه حتى الآن يقتصر على خدمات تقنية وإجرائية مثل فتح الحسابات، ومعالجة مشكلات المحافظ الإلكترونية، وتنفيذ الحوالات الداخلية.
وأضاف أن المواطن الفلسطيني في غزة يحتاج اليوم إلى ما هو أبعد من هذه الخدمات، إذ يواجه أزمة سيولة حقيقية تعيق الدورة الاقتصادية بالكامل، موضحًا أن "النظام المصرفي يُعد أحد أهم الأدوات لمعالجة هذه الأزمة، لكن قيود الاحتلال والإجراءات الأمنية ما زالت تعرقل إدخال الأموال والمستلزمات النقدية اللازمة".
وأوضح أبو جيّاب أن ما يصل حاليًا إلى القطاع لا يغطي أكثر من جزء بسيط من الاحتياج، مشيرًا إلى أن المواطنين "غير راضين عن هذه العودة المحدودة"، لكنهم يرون فيها خطوة أولى يجب أن تتبعها خطوات أوسع نحو إعادة عمل النظام المصرفي بكامل طاقته لمعالجة آثار الحرب وتمكين الناس من أموالهم المجمّدة في الحسابات.
وفي ما يتعلق بأزمة السيولة النقدية، أكد أن البداية تكمن في السماح بإدخال الأموال إلى القطاع دون قيود أو محاذير، بما في ذلك استقبال العملات الأجنبية المتداولة كالدولار والدينار والشيكل، لأن ذلك "سيُعيد النشاط للأسواق ويمنح المواطنين متنفسًا لتأمين احتياجاتهم اليومية".
وأشار إلى أن الخطوات الفعّالة تبدأ باستبدال العملات التالفة الموجودة في السوق بكميات نقدية صالحة للتداول، غير أن هذه العملية لن تتم – بحسب قوله – إلا برفع الحصار المالي والإجراءات الإسرائيلية عن القطاع بشكل كامل.
وبيّن أبو جيّاب أن "المطلوب في هذه المرحلة هو عودة تدريجية للحياة المصرفية تعيد للنظام المالي مكانته التجارية ودوره في إنعاش الاقتصاد المحلي"، مشيرًا إلى أن المصارف يمكنها البدء بامتصاص العملات التالفة وإعادة تداول النقد السليم في السوق، كمرحلة أولى قبل إدخال كميات جديدة.