خاص| أمريكا ترغب بـ«شروق الشمس» في رفح.. إعمار غزة أم سباق استثماري؟
أثار طرح الإدارة الأمريكية لمشاريع مستقبلية تتعلق بقطاع غزة، تتضمن تصورات عمرانية واستثمارية واسعة، تساؤلات حول واقعيتها في ظل الدمار الشامل والأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها السكان، وبينما لا يزال الحديث عن إعادة الإعمار يفتقر إلى أسس سياسية وميدانية واضحة.
وقال الباحث الاقتصادي محمد أبو جياب إن المشاريع والتصورات التي تطرحها الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل قطاع غزة لا تتجاوز كونها أفكارًا إعلامية وبروباغندا سياسية، بعيدة عن الواقع الميداني وتعقيدات المشهد الدولي.
وأضاف أبو جياب أن هذه الطروحات، التي تظهر في تصورات بصرية تتحدث عن ناطحات سحاب ومشاريع ضخمة، تتناقض بشكل صارخ مع واقع سكان القطاع الذين يعيشون اليوم في خيام، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ليست معنية فعليًا بتنفيذ مثل هذه المشاريع على الأرض.
وأوضح أن الساحة الأمريكية تزخر بسلسلة طويلة من المقترحات المتعلقة بغزة، بدءًا من مشاريع "الريفيرا"، مرورًا بحديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شراء العقارات، وصولًا إلى مشروع "شروق الشمس"، معتبرًا أن جميعها تندرج في إطار رؤى مثالية وخيالية لا تستند إلى معطيات واقعية.
وأشار أبو جياب إلى أن التقديرات الدولية والمحلية لإعادة إعمار قطاع غزة تتراوح بين 60 و70 مليار دولار، وعند إضافة مبالغ أخرى تُطرح ضمن هذه المشاريع، فإن الحديث يدور عن أرقام خيالية لا تتناسب مع الواقع الجغرافي والاقتصادي للقطاع، ولا مع ما هو موجود حتى في الولايات المتحدة نفسها.
وبيّن أن ما يجري يعكس محاولة أمريكية لفرض الهيمنة وتحديد من يحكم القطاع ومن يدير عملياته الميدانية، في وقت تؤكد فيه الوقائع على الأرض أن هذا الطرح يصطدم بجدار الواقع السياسي والأمني.
وحول دوافع طرح مثل هذه المشاريع، أوضح أبو جياب أن الأمر يرتبط بصراع دولي بين شركات كبرى للحصول على امتيازات إعادة الإعمار في غزة، تشارك فيه شركات أمريكية وعالمية وعربية وإسرائيلية وتركية وصينية، في ظل سباق غير معلن للسيطرة على عقود تقدر قيمتها بعشرات المليارات.
وأضاف أن هناك تكتلات اقتصادية دولية وشروطًا سياسية وأمنية تُطرح خلف الكواليس كمدخل للحصول على امتيازات الاستثمار في مرحلة إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن بعض الأطراف تروّج أفكارها عبر وسائل الإعلام العالمية، فيما تُدار أفكار أخرى بعيدًا عن الأضواء.
وأكد أن الولايات المتحدة، بعقلية شركاتها ورؤية الرئيس ترامب، لا تنطلق في تعاملها مع غزة من باب تمكين الفلسطينيين أو إعادة إعمار حقيقية، بل من محاولة السيطرة على التمويل العربي والخليجي، وإعادة توجيهه بما يخدم مصالح الشركات الأمريكية واستثماراتها.
وختم أبو جياب حديثه بالتأكيد على أن هذه المشاريع لا تعكس واقع غزة ولا احتياجات سكانها الفعلية، بل تندرج ضمن صراع مصالح اقتصادي وسياسي على حساب معاناة إنسانية مستمرة.

