زيلينسكي يلتقي ترامب حاملاً خطة سلام تصطدم بشروط موسكو
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد المقبل في ولاية فلوريدا، لبحث النسخة شبه النهائية من خطة السلام الأميركية–الأوكرانية المقترحة لإنهاء الحرب مع روسيا، في وقت تشير فيه المعطيات إلى اقتراب واشنطن وكييف من بلورة موقف مشترك، مقابل تشكك واسع في استعداد موسكو للقبول ببنود الخطة.
وقال زيلينسكي، في تصريحات أدلى بها عبر تسجيلات صوتية لصحافيين، إن الخطة المشتركة باتت "مكتملة بنسبة 90 في المئة"، مؤكداً أن اللقاء مع ترامب يهدف إلى "إنهاء ما تبقى من التفاصيل العالقة"، لا سيما تلك المتعلقة بالضمانات الأمنية طويلة الأمد لأوكرانيا، وآفاق إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في مرحلة ما بعد الحرب.
وأضاف "مهمتنا أن نصل إلى خطة مكتملة بنسبة 100 في المئة. هذا ليس سهلاً، ولن يحدث فوراً، لكننا نقترب من النتيجة المرجوة مع كل اجتماع وكل نقاش".
تراجع أميركي عن التهديد بقطع الدعم
ويأتي اللقاء بعد أسابيع من توتر ملحوظ في العلاقة بين واشنطن وكييف، عقب تلويح البيت الأبيض بقطع المساعدات العسكرية والمالية عن أوكرانيا في حال رفضها التوقيع على مسودة أولية من 28 بنداً، تضمنت تنازلات كبيرة لصالح روسيا، وفق ما نقلته مصادر أميركية.
غير أن الإدارة الأميركية تراجعت لاحقاً عن هذا الموقف، قبل أن تعلن كييف أن الجانبين عملا معاً على إعادة صياغة الخطة، لتقليصها إلى نحو 20 بنداً تراعي "الحد الأدنى من المصالح السيادية والأمنية الأوكرانية".
غياب التواصل المباشر مع موسكو
وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا لا تجري أي محادثات مباشرة مع روسيا بشأن مسودة الخطة، مشيراً إلى أن جميع الاتصالات تمر عبر الجانب الأميركي. وقال إنه يتوقع تلقي رد روسي "خلال الأيام المقبلة" عبر واشنطن.
غير أن هذا التفاؤل الأوكراني يصطدم بتصعيد ميداني مستمر، إذ رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحاً أوكرانياً لوقف إطلاق النار خلال عيد الميلاد، فيما واصلت القوات الروسية خلال الأيام الماضية شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على بنى تحتية مدنية، ما أسفر عن سقوط قتلى من المدنيين.
نقاط خلافية قد ترفضها موسكو
وتتضمن الخطة التي سيناقشها ترامب وزيلينسكي بنوداً تعتبرها موسكو "غير مقبولة"، أبرزها الإبقاء على جيش أوكراني قوامه نحو 800 ألف جندي في زمن السلم. وقال زيلينسكي تعليقاً على ذلك: "بالنسبة لنا، هذا ضمان أمني أساسي، والجانب الأميركي يسمع موقفنا".
كما تتطرق الخطة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إقليم دونباس شرقي البلاد، مع طرح أميركي لتحويلها إلى "منطقة اقتصادية حرة". وكانت روسيا قد اشترطت سابقاً انسحاب القوات الأوكرانية من كامل إقليم دونيتسك كشرط لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه كييف بشكل قاطع، مؤكدة أنها لا تزال تسيطر على مدن رئيسية فشلت القوات الروسية في السيطرة عليها.
ورغم ذلك، لمّح زيلينسكي هذا الأسبوع إلى استعداده لمناقشة فكرة المنطقة المنزوعة السلاح، لكنه شدد على أن أي انسحاب أوكراني يجب أن يكون متزامناً مع انسحاب روسي كامل، محذراً من أن أي ترتيبات أحادية ستُعد "شرعنةً للاحتلال".
موقف روسي متحفظ
في موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، أجرى اتصالاً هاتفياً مع عدد من مسؤولي إدارة ترامب، عقب تلقي موسكو مقترحات أميركية مكتوبة بشأن اتفاق سلام محتمل.
وأضاف بيسكوف أن مبعوث بوتين، كيريل ديميترييف، نقل نسخاً ورقية من المقترحات الأميركية إلى موسكو بعد اجتماع عقد في ميامي نهاية الأسبوع الماضي، مؤكداً أن الكرملين "يقوم حالياً بتحليل التفاصيل"، وأنه "تم الاتفاق على مواصلة الحوار" بين الجانبين الروسي والأميركي، دون تقديم مزيد من الإيضاحات.
ورفض بيسكوف التعليق على مضمون الوثائق، معتبراً أن الإدلاء بتصريحات علنية قد "يقوض المفاوضات الجارية".
في المقابل، نقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن بوتين، قوله خلال لقاء مع عدد من كبار رجال الأعمال الروس، إنه لا يزال متمسكاً بمطلب السيطرة على كامل إقليم دونباس، مع إبدائه انفتاحاً محدوداً على إمكانية "مبادلة بعض الأراضي" التي تسيطر عليها القوات الروسية في مناطق أخرى من أوكرانيا.
ترقب لما بعد لقاء مارالاغو
وبحسب ما أورده مراسل موقع "أكسيوس" باراك رافيد نقلاً عن مسؤول أوكراني، فإن اللقاء المرتقب بين ترامب وزيلينسكي سيُعقد في منتجع مارالاغو، وقد يشكل محطة مفصلية في مسار المفاوضات.
ومع أن التفاهم الأميركي–الأوكراني يبدو أقرب من أي وقت مضى، فإن مستقبل الخطة يبقى مرهوناً بموقف الكرملين، وسط مؤشرات على أن موسكو قد ترفض جوهرها، أو تسعى إلى إطالة أمد التفاوض لتحقيق مكاسب إضافية على الأرض

