خاص| غزة أمام كارثة بيئية شاملة: النفايات والمجاري والركام تهدد حياة السكان
لا تقتصر الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة على الجانب الإنساني أو الصحي أو التعليمي فقط، بل تمتد لتشمل واقعًا بيئيًا بالغ الخطورة، في ظل تراكم النفايات الصلبة والخطرة، وانتشار الصرف الصحي المكشوف، وعجز البلديات عن أداء دورها نتيجة الدمار الواسع واستمرار القيود المفروضة على الوصول إلى مكبات النفايات الرسمية.
وقال نائب مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة بغزة، عاطف جابر، في حديث خاص لـ"رايــة" إن الوضع البيئي في قطاع غزة «سيئ للغاية»، مؤكدًا أن الأزمة لا تقتصر على النفايات الصلبة فقط، بل تشمل النفايات الخطرة والطبية، ومياه الصرف الصحي، وكميات هائلة من الركام المنتشر في مختلف المناطق.
وأضاف جابر أن جميع مكبات النفايات الصحية ومحطات الصرف الصحي في قطاع غزة تقع في المناطق الشرقية، وهي مناطق يصعب الوصول إليها حاليًا، في ظل استمرار سيطرة الاحتلال على نحو 50% من مساحة القطاع، ما يجعل تشغيل هذه المرافق شبه مستحيل.
وأوضح أن أكثر من مليوني نسمة في قطاع غزة ينتجون يوميًا ما يقارب كيلوغرامًا واحدًا للفرد، أي ما يعادل نحو 2000 طن من النفايات الصلبة يوميًا، إضافة إلى النفايات الطبية الخطرة، مشيرًا إلى أن البلديات والوزارات «شبه مدمّرة»، ما أدى إلى تراكم النفايات في مكبات عشوائية داخل المناطق السكنية.
وأشار جابر إلى أن غالبية سكان القطاع نزحوا إلى مناطق قريبة من البحر ذات تربة رملية سهلة النفاذ، ما يزيد من خطورة تسرّب عصارة النفايات ومياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية والتربة، ويضاعف المخاطر الصحية، خاصة مع قرب هذه المكبات من مخيمات النزوح.
وحول المخاطر المترتبة على هذا الواقع، قال جابر إن النفايات الصلبة تشكل خطرًا كبيرًا بطبيعتها، «فما بالك عندما تختلط بالنفايات الطبية»، موضحًا أن الإبر والسرنجات وبقايا المستشفيات باتت مختلطة مع النفايات المنزلية، وفي متناول الأطفال والنازحين.
وأضاف أن انتشار الحشرات والقوارض، وعمليات الحرق العشوائي للنفايات، وتلوث الهواء، كلها عوامل تؤدي إلى أمراض جلدية وتنفسية خطيرة، إلى جانب المخاطر الناتجة عن تسرّب العصارة ومياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية.
وبيّن جابر أن بعض البلديات، وبالتعاون مع مؤسسات مانحة ومنظمات دولية، تحاول بالحد الأدنى جمع النفايات ونقلها إلى أماكن أبعد قليلًا عن مخيمات النزوح، إلا أن هذه الجهود «محدودة جدًا» ولا ترقى لحجم الكارثة، في ظل نقص الوقود والإمكانيات.
