مثلث القدس .. من يعثر على الصندوق الأسود؟

القدس المحتلة - رايــة:

ايهاب الريماوي-

على أعتاب مدينة القدس المحتلة وعلى بعد أمتار قليلة منها يعيش أكثر من 80 ألف مقدسي في منطقة أطلق عليها بـ"مثلث القدس" وتقسم هذه المنطقة إلى ثلاثة مناطق هي "مخيم شعفاط، رأس خميس، رأس شحادة". هذه المناطق الثلاثة هي الأقرب للمدينة المقدسة فمن خلالها تشاهد التلة الفرنسية وايضًا مستوطنة "بيسغات زئيف"، لكن هناك شيء واحد يفصلك عن روح القدس ألا وهو جدار الفصل العنصري.

لا تصنيف محدد لهذه المنطقة فمنهن من يطلق عليها بمنطقة " x" فهي لا تخضع لسيطرة السلطة ولا يمكنها مطلقًا دخولها، فهي تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة وتقع ضمن نطاق بلدية الاحتلال في القدس لكنها لا تتمتع أبدًا بأي من خدماتها بل يفرض على قاطنيها دفع "الأرنونا" اسوة بسكان القدس.

من يزور هذه المنطقة ويتجول في شوارعها ويستمع لشكوى أهاليها يدرك حجم المعاناة المضاعفة التي يعيشها سكانها، ستشاهد المياه العادمة تسير في شوراعها، ستشاهد أيضًا القمامة المتكدسة على أطراف شوارعها، ستشاهد أبنية مرتفعة بنيت دون أي من شروط السلامة، ستشاهد أم تبكي حال عائلتها المصابة بالأمراض بسبب الكم الهائل من التلوث التي تعيشه المنطقة، ستشاهد طرق محفرة وشوارع غير مؤهلة لسير المركبات.

أزمة النفايات والمجاري:

كما أشرنا فإن معظم الشوارع يترامي على أطرافهن أكوام مكدسة ومشتعلة من القمامة وحتى تتمكن من السير عليك بإزاحة كومة من هنا وكومة من هناك وعندما تنجح في هذه المهمة يواجهك مجرى من المياه العادمة "مياه المجاري" التي تصرفها البنايات المرتفعة في الشوارع وأنت تكون هنا أمام مهمة أخرى للقفز لتجنب الوقوع داخل حفرة تفيض منها "مياه المجاري" هذا عدا عن الروائح الكريهة التي تصدر منها.

أهالي المنطقة حاولوا جاهدين التخلص من ظاهرة المياه العادمة في الشوارع فعملوا على جمع تبرعات لبناء شبكة خطوط صرف صحي لكن ملاك الأبنية ذات العشر طوابق وأعلى رفضوا المشاركة في ذلك، وهذا ما قاله مدير جمعية "مثلث القدس" جميل صندوقة حيث أن شبكة الصرف الصحي القديمة التهمها الجدار، فلا سلطة يمكنها بناء شبكة صرف صحي، إضافة إلى أن بلدية الاحتلال تصرف النظر عن تقديم أي من خدماتها في تلك المنطقة.

جرائم وسرقات:

وفق ناشطين في المنطقة فإن معدلات الجريمة والسرقات مرتفعة بشكل كبير فيها، فخلال عامين قتل 7 أشخاص من المنطقة، وحسب الناشطين فإن انتشار الأسلحة ساهم في ارتفاع معدلات الجريمة، حيث أن الحصول على الاسلحة أسهل ما يكون ولا يقتصر الأمر هنا على أسلحة خفيفة، بل وصل الأمر لامتلاك أسلحة متطورة ونوعية.

أن تشاهد عصابة تقتحم احد المنازل وتقييد ساكنيه وتسرق كل ما يحتويه المنزل ليس بالمشهد الغريب على الأهالي فهم اعتادوا على مثل هذه الأمور.

ويذكر ناشط أنه في احدى المرات هجم مجموعة من المسلحين على احدى المنازل وقاموا بتقييد سيدة تسكن المنزل وسرقوه وخرجوا ولم يجرأ أحد أن يردعهم لأن قوة السلاح هي من تحكم المنطقة كذلك المافيا المنتشرة في المنطقة، ببساطة فإن القوي هو من يحكم هناك.

وفي حادثة أخرى قتل شخص فقط لأن كلبه كان ينبح على كلب آخر فصاحب الكلب الأخير لم يعجبه الأمر فقام بقتل صاحب الكلب الأول.

6 آلاف مدمن على المخدرات

ليس بغريب أن تنتشر ظاهرة الأدمان على المخدرات في الثالوث المقدسي، ووفق إحصائية تقديرية فإن أكثر من 6 آلاف مدمن على التعاطي تبعًا للاخصائية في مركز الهدى لتأهيل المدمنين "ثورة انجاص"، حيث يعالج في المركز الواقع على مدخل مخيم شعفاط 14 مدمنًا بينهم سيدة.

وتؤكد انجاص أن الحالات التي تصلهم قليلة جدًا فالمدمنين يأتون بناءً على رغبة منهم أو من أسرهم.

أحد المدمنيين الذي يتعالج في المركز يتحدث عن وقوعه في وحل الأدمان لـ25 سنة، ويقول أنه خسر ماله وأملاكه في سبيل التعاطي وخسر كذلك أقرب الناس لديه.

في احدى المرات عرضت عليه الشرطة الاسرائيلية أن تزوده بالمخدرات لنشرها في المنطقة مقابل أن يسلم من يتاجر بها، لكنه رفض حسب قوله.

هناك عشرات من القصص المرعبة للجرائم والمشاكل الجمة التي تعانيها المنطقة، ونحن لسنا بصدد نشرها جميعها فنحن نحاول أن نعرض الجزء القليل منها وعرضها على القارئ علّ مجتمعنا يعثر على حلول جزئية لمعالجة مشاكلها التي لا تعد ولا تحصى في هذه المنطقة، منطقة "x".