الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:24 AM
الظهر 12:24 PM
العصر 3:37 PM
المغرب 6:08 PM
العشاء 7:23 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

إشاعات اليوم .. سلاح قديم بتكنولوجيا جديدة

الكاتب:  الدكتور خالد يوسف بارود

 الإشاعة قديمة جداً.. كانت قبل اختراع الإنترنت، واستمرت مع الإنترنت. ففي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت تُنقل شفهياً، وتحتاج إلى جهد وركض بين المجالس، وكانت هناك نسخة تجريبية من الواتساب اسمها المنافقون، يومها اشتغلوا كمندوبين مبيعات بدوام كامل فأطلقوا إشاعة الإفك التي طالت بيت النبوة، فاهتز بيته من عظم تلك الاشاعة، ثم جربوا إصداراً آخر في غزوة أحد وهي إشاعة مقتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكاد جيش المسلمين أن ينهار، لكن القرآن تدخل بسرعة، ووضع سياسة ورسالة واضحة (...فتبينوا..)، وكأنه أول تنبيه أمني في التاريخ.

    نحن اليوم أكثر تطورا ولم نعد بحاجة إلى المنافقين في أزقة المدينة، رغم كثرتهم، فالإشاعة لا تحتاج إلى سوق ولا إلى جلسة نميمة، ولا إلى طاولة في مقهى بل يكفيه هاتف ذكي ببطارية نصف ممتلئة للقيام بالمهمة على أكمل وجه، وبإشاعة واحدة على فيسبوك قد تحبط نصف أبناء الوطن، وبوست مجهول من شخص مجهول أو صفحة مجهولة على فيسبوك قد يشوّه صورة انسان محترم وتطيح بسمعته، وإشاعة صغيرة على واتساب قد تزرع الشك في عائلة شريفة، وأخرى على تيك توك قد تصنع بطلا من ورق، وترند سريع قد يلهي الناس عن جريمة حقيقية يرتكبها الاحتلال على الأرض..

وبعدها يبدأ سباق إعادة التوجيه والمشاركات والاعجابات والتعليقات بدون تحقق من الحقيقة، وكأننا في ماراثون أولمبي والنتيجة نصف الشارع قلق ومتوتر، والنصف الآخر خائف ومتشائم، والعدو يتفرج مستمتعا بالمشهد بل ويغذي الاشاعة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، مستغلا المعلومات والأخبار وسرعة انتشارها، لنشر وترويج روايات مضادة، وتشويه صورة الفلسطيني، وبث الشك بين صفوف الناس، كلها تهدف إلى ضرب الثقة وزرع اليأس في ظل هذه الظروف الاستثنائية.

   المشكلة ليست في العدو فحسب، بل فيمن ينشر الإشاعة أسرع من صوت الأذان.. العجيب أننا نغضب حين نكتشف أنها كاذبة، ثم نكررها في اليوم التالي ويتلذذ الكثيرين بنشرها، ويتعاملون مع الشائعة كوسيلة ترفيه، يشاركونها كما يشاركون نكتة، كأنهم متطوعون في فرقة الحرب النفسية للعدو، يوزعون الأخبار المغلوطة والكاذبة كخدمة مجانية لأعداء الشعب الفلسطيني، ثم يشتكون من أثرها على وحدتنا ومعنوياتنا.

   المعركة ليست فقط على الأرض بل على الوعي، والاحتلال يعرف جيدا أن الإشاعة تقتل الأمل في قلوب الناس وتزرع اليأس والاحباط الذي يضعف ارادتنا ويفت من عزيمتنا وصمودنا.

والسؤال المؤلم الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا،، هل نحن نواجه الاحتلال.. أم نروج له بلا مقابل ؟؟ هل نريد أن نكون صنّاع وعي وحماة للرواية الوطنية.. أم مجرد أبواق مجانية لإشاعات كاذبة ؟؟

   باختصار علينا أن نكون يقظين في ظل هذه الظروف الحساسة وحذرين من ترويج الاشاعات بلا تحقق، ولا نمنح أعداءنا فرصة للتسلل إلى وعينا، ولنجعل من كل كلمة نكتبها أو نشاركها سببا في حماية الحقيقة التي تخدم الوطن، وتعزز وحدتنا، وتثبت صمودنا في وجه الاحتلال.

أما مؤسساتنا الوطنية الرسمية والإعلام الفلسطيني الرسمي عليه أن يقوم بمسؤولياته التاريخية عبر الاضطلاع بدور يتجاوز مجرد نقل الأخبار أو الاكتفاء بالرد على الإشاعات بل يُعلم الناس كيف يتعاملون معها بدلا من الاستهلاك السلبي لأي معلومة، ويكون أداة أكثر فاعلية للتوجيه الديني والتثقيف الوطني والفكري والتربوي لبناء وعي مجتمعي قادر على مواجهة الأزمات والتحديات.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...