ترمب يتهم الكونغرس باللاسامية!!!

الكاتب: رأي المسار

الكونغرس الأمريكي، يُعتبر أقوى برلمانٍ في العالم، ذلك لدوره المركزي في صنع السياسات الداخلية والخارجية الامريكية، وبالنسبة لإسرائيل فهو معينٌ لا ينضب من الدعم والتبني والحماية، وحتى حين تستثني إسرائيل نفسها من القوانين الدولية، وتتصرف كما لو أنها صانعة قرارات واشنطن في الشأن الشرق أوسطي وحتى الدولي.

كان الكونغرس هو ساحة الخطابة والاستعراض المحبب لرؤساء وزارات إسرائيل، وخصوصاً بنيامين نتنياهو الذي كلما ضاقت الكنيست في وجهه لا يجد سوى الكونغرس كمستودع تصفيقٍ جاهزٍ له، إذ لم يحدث في تاريخه أن صفّق وقوفاً أكثر من أربعين مرة لغير نتنياهو.

لم يكن المصفقون وقوفاً من حزب واحد، بل من قطبي الحياة السياسية الأمريكية، الديموقراطيين والجمهوريين، وكان البيت الأبيض يبدو في حالاتٍ عديدةٍ كما لو أن ساكنه ليس رئيساً فعلياً للبلاد، وهذا ما حدث مع أوباما حين احتفل الكونغرس بنتنياهو من وراء ظهره.

ما علينا.. فأهل أمريكا أدرى بكونغرسهم، وأعضاءه وبيتهم الأبيض ورؤساءه، إلا أن ما لفت النظر حقاً هو اتهام ترمب للكونجرس باللاسامية، وهو اتهامٌ لم يجرؤ أي رئيسٍ في العالم على توجيهه لبرلمانه ولا حتى للمعارضة في بلاده.

هل إسرائيل سعيدةٌ بهذا الاتهام ويكفيها أن يكون ترمب وحده هو صديقها في أمريكا؟

أم أنّ في إسرائيل من يرى الأمر على حقيقته وهو أن تحوّلاً جذرياً يحدث في أمريكا وليس في الكونغرس وحده، اعتراضاً على سياسة إسرائيل وما ترتكبه من مذابح في غزة؟

نعم.. يوجد في إسرائيل قوىً وتشكيلات ورأيٌ عامٌ بنسبةٍ عاليةٍ يرى هذا التحوّل ويحذر منه، حتى الكنيست المفترض أن يكون كونجرس إسرائيل، عقد جلسةً للبحث في وضع الدولة العبرية في العالم، وما يشهده من انحساراتٍ كبيرة في التأييد التلقائي للدولة العبرية مهما فعلت.

حين يتهم رئيس الولايات المتحدة الكونغرس باللاسامية، فعلى إسرائيل أن تنظر جيداً في المرآة، وأن تنظر للعالم كله، لعلها ترى الحقيقة التي ما تزال حكومتها تتجاهلها، بما في ذلك ما يحدث في أمريكا ذاتها من تحوّلاتٍ في غير صالح الدعم التلقائي والأعمى لها مهما فعلت.

صحيحٌ أن التحولات لم تصل حدّ ختم الكونغرس وحتى بعض أعضاءه باللاسامية، إلا أنها مؤشرٌ دقيق على أن التحوّل يحدث بالفعل.

وبقصدٍ أو من دون قصد، فالرئيس ترمب وكثيرون في إسرائيل يسهمون في ذلك.