الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:37 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:24 PM
المغرب 4:51 PM
العشاء 6:08 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

صمود لا ينكسر رغم الحصار والعدوان

تقرير خاص| بيت إكسا... القرية المنسية خلف الجدار

بيت إكسا
بيت إكسا

خاص - راية

على بُعد تسعة كيلومترات فقط من مدينة القدس، تقف قرية بيت إكسا شاهدة على واحدة من أكثر صور العزلة قسوة في فلسطين.

تقع القرية إلى الشمال الغربي من القدس، يحدها من الجهات المختلفة قرى بدو وبيت سوريك والنبي صموئيل ولفتا، وترتفع نحو 760 متراً عن سطح البحر. تمتد على مساحة 9273 دونماً من الأراضي الجبلية الخضراء، التي لطالما اشتهرت بأشجار البلوط والزيتون.

ورغم قربها الجغرافي من المدينة المقدسة، تعيش بيت إكسا انعزالاً تاماً عن محيطها الفلسطيني، إذ لم يعد الدخول إليها ممكناً إلا لسكانها الأصليين أو من يحمل تصريحاً خاصاً من قوات الاحتلال. عند مدخل القرية، يقف حاجز عسكري يتحكم في تفاصيل حياة أهلها اليومية، في مشهدٍ يشبه الحصار الصامت المستمر منذ سنوات.

“القرية المحاصَرة”... سجن مفتوح في قلب الجغرافيا

تحوّلت بيت إكسا بفعل السياسات الإسرائيلية إلى منطقة مغلقة بالكامل، لا يُسمح بدخولها إلا لأبنائها، وحتى الزائرون من أقاربهم يحتاجون إلى تنسيق مسبق مع المجلس القروي، ويُجبرون على تسليم بطاقاتهم الشخصية عند الحاجز مقابل تصريح مؤقت لا يتجاوز ثلاث ساعات.

هذه الإجراءات، كما يؤكد الأهالي، ليست احتياطات أمنية كما يدّعي الاحتلال، بل سياسة ممنهجة لخنق القرية وعزلها عن امتدادها الطبيعي، في محاولة لدفع سكانها إلى الرحيل القسري البطيء.

“بيت إكسا اليوم ليست مجرد قرية محاصرة، بل رمز لصمود يرفض الانكسار رغم كل محاولات العزل والإقصاء".

زيتون تحت النار

مع بداية موسم قطف الزيتون في تشرين الأول، خرج المزارعون إلى أراضيهم ليحصدوا تعب عامٍ كامل، لكنّ المستوطنين، وتحت حماية جيش الاحتلال، هاجموا الأهالي وطردوهم من أراضيهم، وسرقوا ثمار الزيتون أمام أعينهم.

ورغم تقديم الأهالي شكاوى رسمية، ردّت شرطة الاحتلال ببيان اعتبر الأرض “مصادَرة”، وحذّرت السكان من دخولها مجددًا.

وتُشير بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إلى أن موسم الزيتون الحالي شهد أكثر من 260 اعتداء في 89 تجمعاً فلسطينياً بالضفة الغربية، شملت تدمير أشجار وسرقة محاصيل ومعدات.

تاريخ من الصمود

تاريخياً، خضعت بيت إكسا لعدة سلطات متعاقبة، من العهد العثماني إلى الانتداب البريطاني، حيث كانت تُعرف باسم “بيت الأقصى الغربي” قبل أن يتحول اسمها إلى “بيت إكسا” مع تغيّر الظروف السياسية. وتشير بعض الروايات إلى أنّها كانت موقعاً عسكرياً لجيش القائد صلاح الدين الأيوبي تحت اسم “بيت الكساء”، أثناء معاركه ضد الصليبيين.

في عام 1948، تعرّضت القرية للاحتلال الصهيوني، فدُمّرت منازلها وهُجّر أغلب سكانها نحو الأردن. وبعد أن أصبحت تحت الإدارة الأردنية، عاد جزء منهم إلى قريتهم، لكن الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 أعاد الكارثة مجددًا، فهجّر المئات وأبقى من تبقّى خلف الجدار والحواجز.

واقع مرير وحياة مقيّدة

اليوم، يعيش أهالي بيت إكسا في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة. فالحصار حرمهم من مواردهم الزراعية، وأغلق أمامهم فرص التعليم والعمل، فيما تتحكم قوات الاحتلال في كل شبر من أراضيهم.

تُصادر أراضي القرية لصالح مستعمرتي عطروت (1970) وراموت (1973)، وتمنع التوسع العمراني، بينما تتراجع الخدمات العامة يوماً بعد يوم.

ورغم كل ذلك، يصرّ الأهالي على البقاء، مؤمنين بأن البقاء ذاته هو شكل من أشكال المقاومة.

بيت إكسا... الذاكرة الحيّة للقدس

لم تعد بيت إكسا مجرد قرية على الخريطة؛ إنها ذاكرة مفتوحة لجغرافيا القدس المحتلة، وصرخة متجددة في وجه الجدار والسياسات الاستيطانية.

قرية صغيرة بحجمها، كبيرة بصمودها، تُثبت كل يوم أن العزلة لا تُميت الذاكرة، وأن الوجود على الأرض هو المعركة الأهم.

Loading...