الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 11:41 AM
العصر 2:26 PM
المغرب 4:50 PM
العشاء 6:11 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الهدف تحويل البحر الأحمر إلى بركة إسرائيلية

الكاتب: د.أحمد رفيق عوض

اعتراف إسرائيل بأرض الصومال خطوة أخرى في تكريس دورها الإقليمي والعالمي أيضاً، هي لا تتجاوز المصالح الغربية الاستعمارية،بل تخدمها وتُحسِّن شروطها أيضاً، وهي خطوة أخرى على طريق ما تسميه إسرائيل تغيير الشرق الأوسط، وذلك من خلال خلق حدود جديدة وتوزيع للقوة يسمح لها بالسيطرة والنفوذ والهيمنة، ولهذا، فإن اعتراف إسرائيل بكيان انفصالي يتمتع بمزايا استراتيجية يعني أن إسرائيل تغير حقاً من عقيدتها القتالية على نحو أعمق مما كان عليه من قبل، فالمطالب الإسرائيلية بنزع أسلحة المنطقة والاندماج المجاني يتطلب، فيما يتطلب، السيطرة على أماكن جديدة من خلال المناطق العازلة مّرة، والأسوار العالية مرّة أخرى، وخلق كيانات جديدة صديقة مرّة ثالثة.

ويأتي اعتراف إسرائيل بأرض الصومال جزءاً من هذه الاستراتيجية الجديدة، فهذا الاعتراف يوفر لها التواجد الأمني والعسكري في القرن الإفريقي، وهي منطقة استراتيجية تتصارع فيها القوى الإقليمية والدولية على حدٍ سواء، وهو أمر يعطي إسرائيل كل ما تريد من القدرة على التغلغل والموارد والتحكم والمراقبة والسيطرة والتهديد أيضاً، كما إن هذا الاعتراف يوفر لإسرائيل ما تريده من السيطرة على البحر الأحمر بالكامل وتحويله إلى مجرد بركة إسرائيلية تسيطر فيه على أمن هذا البحر وتجارته وملاحته، فهناك ميناء إيلات في الشمال وباب المندب في الجنوب، وبهذا تُحكِم إسرائيل سيطرتها بالكامل على مياه بحر عربي بامتياز، وإذا أضيف إلى ذلك أن القوى المتحكمة في اليمن الجنوبي تعلن رغبتها في العلاقة مع إسرائيل، فإن الاعتراف بأرض الصومال يكمل المشهد تماماً، إسرائيل تريد بالتأكيد مواجهة الحوثيينوشلّ قدرتهم على التحكم بالمضيق الاستراتيجي، ولكن إسرائيل بتواجدها في القرن الإفريقي – وهو تواجد قديم للدقة – إنما تشكل تهديداً أيضاً لأطراف عربية وغير عربية، ذلك أنها ستُضر بقناة السويس والتبادل التجاري وحركة الملاحة للعديد من الدول، فضلاً عن مزايا التواجد في منطقة تضج بالصراعات بين أثيوبيا والصومال وأرتيريا وجيبوتي، وإمكانية الاستفادة من كل ذلك، وهو ما سيدفع دولاًإفريقية أخرى لتعزيز علاقاتها بإسرائيل طمعاً في الحماية أو الشرعية أو العدوان على أطراف أخرى.

أن تعترف إسرائيل بأرض الصومال ومن ثم أن تهيئ الأرضية لمطار عسكري، حسبما ذكرت المصادر العبرية ذاتها، يعني أن هذا الاعتراف سيترجم سريعاً إلى تواجد عسكري حقيقي يقوم بمهمات المراقبة والهجوم، وهو ما يمنح إسرائيل، كما قلنا، أفضلية السيطرة على البحر الأحمر والتجارة فيه، والحجة جاهزة، والتي تتمثل في ردع الحوثيين أو هزيمتهم، وتصوير ذلك باعتباره حرباً على الإرهاب الذي يهدد التجارة العالمية، ولكن ذلك لا يبدو سهلاً كما قد تصوره إسرائيل،فالتواجد العسكري في منطقة مثل تلك المنطقة سيكون له ثمن عالٍأيضاً، إذ سيُنظر إلى هذا الوجود باعتباره احتلالاً أو تغييراً للمعادلة السياسية والأمنية في المنطقة، وهو ما من شأنه أن يدفع جماعات صومالية معينة في أرض الصومال وفي الصومال ذاتها للاعترافالذي قد يتحول إلى مواجهة شاملة، وليس هذا حسب، بل إن من الممكن أن تفتح المواجهة مع الحوتيين تداعيات لم تكن إسرائيل تتوقع أو تخطط لها.

السؤال هو إن الاعتراف بحد ذاته، وإن بدا مجرد خطوة دبلوماسية،ولكنه يخفي مخاطر أخرى أكثر سوءاً، ذلك أن هذا الاعتراف قد يجر معه موافقة أرض الصومال على قبول تهجير الفلسطينيين إليها، وهي بذلك تساهم في تعميق الكارثة التي تحل بالشعب الفلسطيني، لهذا،فإن الاعتراف الإسرائيلي بهذا الكيان المنسي وتحويله إلى بؤرة اشتباك وموقع رصد وهجوم ومكاناً لتعذيب شعب آخر وأداة لتهديد التجارة الإقليمية والدولية، إنما يدق ألف ناقوس أمام المنطقة كلها للرد العملي والسريع وليس مجرد بيان صحفي مهما بلغت بلاغته.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...