ائتلاف أمان يحتفي باليوم العالمي لمكافحة الفساد بإقامة حفل النزاهة الوطني للعام 2025
تحت شعار"شعب يأبى الفساد.. حتماً سينتصر" وبعد انقطاع عامين بفعل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة
ائتلاف أمان يحتفي باليوم العالمي لمكافحة الفساد بإقامة حفل النزاهة الوطني للعام 2025
تحت شعار" شعب يأبى الفساد.. حتماً سينتصر"، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد؛ عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) حفل النزاهة الوطني الثامن عشر في شطري الوطن، وبمشاركة افتراضية عبر منصة «زووم» لمشاركة أهلنا في قطاع غزة، كرّم فيه فارسات وفرسان النزاهة للعام 2025، ممن ساهموا في تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد في المجتمع الفلسطيني.
شمل حفل التكريم ثلاث فئات رئيسية للجائزة، تمثلت الأولى في جائزة النزاهة ومكافحة الفساد للعاملين والعاملات في القطاع العام الفلسطيني والهيئات المحلية، والتي تُمنح لمن بادروا بالإبلاغ عن قضايا فساد، أو رفضوا الانخراط فيها، أو قدّموا شهادات رسمية أو معلومات موثوقة، أو أطلقوا مبادرات أسهمت في تعزيز منظومة النزاهة داخل مؤسساتهم. فيما تندرج الجائزة الثانية، بجائزة الشهيدة شيرين أبو عاقلة لأفضل تحقيق استقصائي يعالج قضية فساد، والمخصصة للإعلاميين والإعلاميات الذين أنجزوا ونشروا تحقيقات استقصائية كشفت قضايا فساد وأسهمت في تعزيز المساءلة العامة، إلى جانب الجائزة الثالثة حول أفضل بحث في مواضيع مكافحة الفساد، التي تُمنح للباحثين والباحثات الذين قدّموا دراسات علمية متخصصة تتناول منظومة النزاهة ومكافحة الفساد.
استهل الحفل بكلمة للسيد عبد القادر الحسيني، أشار فيها أن الحفل يأتي بعد توقف دام عامين بسبب جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، التي لم تقتصر آثارها على القطاع وحده، بل امتدت لتطال الوجود الفلسطيني والهوية الفلسطينية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية. كما نعى الحسيني مستذكراً الصحفي حسن دوحان، عضو اللجنة الفنية لجائزة الشهيدة شيرين أبو عاقلة لأفضل تحقيق صحفي استقصائي، الذي استُشهد جراء القصف خلال جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وفي كلمته، أكد الحسيني على ضرورة ترسيخ منظومة النزاهة والعدالة والشفافية في إدارة الشأن العام والمال العام، بما يضمن محاسبة الفاسدين ويمنع إفلاتهم من العقاب، وعلى أهمية جهود مكافحة الفساد في هذه المرحلة الحساسة، باعتبارها ركيزة أساسية لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، وبناء ثقته بمؤسساته الوطنية النزيهة والفاعلة.
كما أشار بدوره إلى أن الفساد جريمة عابرة للحدود لا تعترف بالجغرافيا، وتمتد آثارها لتطال المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، وتمس مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لافتًا إلى أن إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفساد هذا العام تحت شعار "مع الشباب ضد الفساد… من أجل غدٍ تسوده النزاهة"، يحمل في السياق الفلسطيني بُعدًا خاصًا، حيث يشكل الشباب أداة التغيير الحقيقية إذا ما جرى تمكينهم من المشاركة الفاعلة في صنع القرار.
الانتخابات وتعزيز الثقة بالحكم
وعقّب الحسيني موضحاً متابعة ائتلاف أمان باهتمام بالغ لما صدر بشأن القرار بقانون المتعلق بالانتخابات المحلية، مؤكدًا أهمية إجراء الانتخابات بكافة أشكالها، وفي الوقت ذاته ضرورة التزام منظومة الحكم بالأخذ بملاحظات وتوصيات المجتمع المدني، لا سيما تلك التي قُدمت بشأن مشاريع القوانين. وحذّر الحسيني من أن تجاهل هذه الملاحظات بعد طرحها للنقاش المجتمعي يقوّض مصداقية الحوار ويضعف الثقة بمسارات التشاور وصنع القرار، مبيّناً أن القرار بقانون الخاص بالانتخابات المحلية تجاهل ملاحظات جوهرية سبق تقديمها، وتضمّن شرطًا جديدًا لم يخضع للنقاش المجتمعي، ويمس جوهريًا بالحق في المشاركة السياسية، ويتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ووثيقة إعلان الاستقلال وأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، داعيًا الحكومة الفلسطينية إلى التراجع عن فرض أي شروط سياسية على من يرغب بالترشح للانتخابات.
ممارسات الاحتلال تقوّض عمل المؤسسات الرقابية والمساءلة في قطاع غزة
وتطرق الحسيني إلى التحديات المرتبطة بمرحلة التعافي في قطاع غزة، في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية وتنصل الاحتلال من الاتفاقيات، وما يرافق ذلك من غموض حول مستقبل إدارة القطاع، ومحاولات نقل مراكز اتخاذ القرار خارج الإطار الوطني، بما يقيّد الرقابة والمساءلة. وحذّر من تصاعد مخاطر الفساد المنظم والعابر للحدود في ظل غياب نظام موحد للشفافية والمساءلة، مؤكدًا أهمية تمكين مؤسسات الرقابة الرسمية وتعزيز دور المواطنين في الإبلاغ عن قضايا الفساد، بما يشمل قطاع غزة.
طلبات الترشح والترشيح لنيل الجائزة للعام 2025
ألقى الدكتور إيهاب بسيسو، كلمة نيابة عن هيئة المحكّمين في الضفة وغزة، موضحًا أن لجان الجوائز الفنية والمتخصصة عملت بجهد متواصل على مدار أشهر لدراسة طلبات الترشح والترشيح، وفق معايير وأوزان مطوّرة سنويًا. وأكد بسيسو أن اللجان رفعت توصياتها للإدارة التنفيذية وهيئة المحكمين المكوّنة من شخصيات وطنية ومهنية للبت فيها، مشيرًا إلى أن عملية منح الجوائز تعتمد على تقييم دقيق تنفذه لجان فنية مختصة لكل فئة جائزة.
وأضاف أن توقف إجراءات تحكيم الجوائز في عام 2023 جاء بسبب بدء جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بينما لم يتم الإعلان عن الجوائز أو استقبال الطلبات في 2024، قبل أن يُستأنف التقييم في 2025 بعد التشاور مع مجموعات مهتمة من غزة، مع تغطية الأعمال المنجزة خلال فترة الانقطاع للسماح لها بالمنافسة. وقد استقبل ائتلاف أمان هذا العام 11 طلبًا لجائزة العاملين في القطاع العام والهيئات المحلية، و9 أبحاث ضمن جائزة أفضل بحث في مكافحة الفساد، و13 تحقيقًا استقصائيًا ضمن جائزة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
فارسا القطاع العام: عوض الشروف وإيهاب أبو الرب
فاز بجائزة النزاهة ومكافحة الفساد عن فئة العاملين في القطاع العام والهيئات المحلية كل من السيد عوض الشروف، فني تشريح ومسؤول العيادات الخارجية للطب الشرعي في مديرية وزارة العدل الفلسطينية في الخليل، وإيهاب أبو الرب، موظف حكومي في في قلم السير بمحكمة صلح طوباس.
نال الشروف الجائزة تقديرًا لموقفه المهني والأخلاقي في كشف قضية فساد مسّت حق المواطنين في الحصول على خدمة عامة يفترض أن تُقدَّم مجانًا. فقد رصد الشروف ممارسات غير قانونية تمثلت بتقاضي أحد الأطباء مبالغ مالية مقابل إصدار تقارير طبية مختومة من الطب الشرعي تراوحت بين 200 شيكل و 500 دينار. وبعد تأكده من الوقائع من خلال أحد المراجعين الذين اضطروا للدفع، قدّم الشروف بلاغًا رسميًا لهيئة مكافحة الفساد، وأدلى بشهادته أمام الجهات المختصة، ما أدى إلى تحويل القضية إلى نيابة مكافحة جرائم الفساد ثم إلى المحكمة، التي أصدرت حكمًا بإدانة المتهم وتنفيذ عقوبة الحبس بحقه.
![]()
شاهد/ي الفيديو الخاص بفارسنا عوض الشروف
فيما ارتأت إدارة الجائزة منح أبو الرب جائزة النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2025، تقديرًا لشجاعته في كشفه استغلال ثغرة في نظام تحصيل الغرامات، حيث كانت بعض المخالفات تُسجَّل على أنها مدفوعة دون إيصالات رسمية، ما أدى إلى التلاعب والاختلاس وإهدار المال العام. أبلغ أبو الرب على إثرها رئيس المحكمة، ثم رفع كتابًا رسميًا إلى مجلس القضاء الأعلى في ظل غياب أي مستندات تثبت صحة عمليات الدفع. وبعد التحقيق، تبيّن وجود شبهة تلاعب واختلاس، حيث استُدعي للإدلاء بإفادته أمام نيابة مكافحة الفساد، ثم مثل شاهدًا أساسيًا أمام محكمة جرائم الفساد.
![]()
شاهد/ي الفيديو الخاص بفارسنا إيهاب أبو الرب
الحائزة على جائزة الشهيدة شيرين أبو عاقلة الصحفية مشيرة توفيق من قطاع غزة
فازت الصحفية مشيرة توفيق بجائزة الشهيدة شيرين أبو عاقلة عن أفضل تحقيق استقصائي، بعنوان: "كيفَ تورّطت بعض مؤسسات القطاع الأهلي في تجارة الدواء بغزة؟"
رصد التحقيق اختفاء الأدوية من المستشفيات بينما كانت تُباع بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، ما كشف عن استغلال بعض موظفي المؤسسات الصحية للأدوية المرسلة كمساعدات وبيعها بطريقة غير قانونية، في إساءة واضحة للائتمان العام، وقد تحوّل الدواء الذي كان يفترض أن يكون مجانيًا إلى تجارة مربحة على حساب المرضى والجرحى، في ظل مأساة إنسانية وجريمة إبادة مستمرة.
كما أظهرت التحقيقات أن غياب آليات واضحة لإدارة المساعدات الطبية، وعدم وجود لوائح مكتوبة للرقابة، خلق فجوة استُغلت لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب حياة الناس. وأسهم التحقيق في لفت الانتباه إلى هذه الممارسات، ودفع الجهات المسؤولة لبدء خطوات تصحيحية لضمان وصول الأدوية إلى مستحقيها، في تأكيد على قدرة الصحافة الاستقصائية على تصويب وحماية حقوق المواطنين وتعزيز النزاهة حتى في أصعب الظروف.

شاهد/ي الفيديو الخاص بفارستنا الصحفية مشيرة توفيق
الباحثة آلاء جرادة عن أفضل بحث متخصص في مكافحة الفساد عن فئة البكالوريوس
فازت الباحثة آلاء جرادة بجائزة أفضل بحث متخصص في مكافحة الفساد للعام 2025 عن فئة البكالوريوس عن بحثها بعنوان: "مكافحة الفساد في توزيع المساعدات إبان الإبادة الجماعية في قطاع غزة". ركز البحث على دور الفساد في تفاقم معاناة المدنيين خلال المجاعة التي أعلنت الأمم المتحدة عنها رسميًا في 2025. اعتمدت الباحثة المنهج التحليلي للنصوص القانونية وأجرت مقابلات مع شخصيات قانونية وأكاديمية، إلى جانب توزيع استبانة لرصد واقع النزاهة في توزيع المساعدات الإنسانية.
توصل البحث إلى أن ضعف مؤسسات الإغاثة وخطط الطوارئ، وغياب التنسيق المركزي، وممارسات غير سليمة في إدارة المخازن ونقاط التوزيع، أدت إلى فجوات في العدالة والنزاهة في وصول المساعدات. كما أبرز أهمية تطوير آليات شفافة لضمان إيصال الغذاء والمساعدات للمستحقين دون تمييز أو استغلال، مقدمًا خارطة طريق واضحة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في توزيع الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة، من وجود تطبيق يرصد جميع أشكال المساعدات، ونقاط للتوزيع، وآليات للشكاوى، وخطة تنسيقية بين جميع مؤسسات المجتمع المدني.

شاهد/ي الفيديو الخاص بفارستنا الباحثة آلاء جرادة
الباحث رأفت أبو الرب عن أفضل بحث متخصص في مكافحة الفساد عن فئة الدراسات العليا
فاز الباحث رأفت أبو الرب عن بحثه المرشح لجائزة أفضل بحث متخصص في مكافحة الفساد للعام 2025 عن فئة الدراسات العليا، بدراسة أثر الرقابة الداخلية على ردع الاحتيال داخل القطاع الحكومي الفلسطيني، مع التركيز على دور المحاسبة الجنائية كعامل معدل لتعزيز هذه المنظومة. واعتمد البحث إطارCOSO للرقابة الداخلية، وطبّق استبيانًا موظفي مؤسسات رقابية وقضائية فلسطينية مختلفة: ديوان الرقابة، هيئة مكافحة الفساد، النيابة الاقتصادية، وحدة المتابعة المالية، والتدقيق الخارجي.
أظهرت النتائج أن الرقابة الداخلية تمثل خط الدفاع الأول ضد الاحتيال. وأكد البحث أن التكامل بين المحاسبة الجنائية والرقابة الداخلية أفضل من العمل المنفصل، وأن غياب التنسيق أو نقص الكوادر يقلّل فعالية الردع. ودعا البحث إلى بناء منظومة رقابية متطورة تعتمد على التكنولوجيا والتشريعات الواضحة، وتأسيس هيئة فلسطينية للمحاسبين الجنائيين لحماية المال العام وتعزيز النزاهة في القطاع الحكومي.
شاهد/ي الفيديو الخاص بفارسنا الباحث رأفت أبو الرب
اختتم الحفل بالثناء على شجاعة المبلغين والكاشفين عن الفساد وتكريم اللجان الفنية، مع التأكيد على الأمل في تجدد اللقاء العام المقبل في ظروف أفضل، ومع انطلاق مرحلة التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، مع التشديد على حق الفلسطينيين في تقرير المصير ومراقبة عملية إعادة الإعمار والمساءلة، والإيمان بمستقبل يزخر بجيل واعد من فارسات وفرسان النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين.

